صناعات المستقبل تعزز قيمة الحديد

الأحد 02 نوفمبر 2025 -03:31

تقرير - أحمد عمر
لحماية الصناعة من الممارسات الضارة.. "الاستثمار" تفرض رسومًا وقائية مؤقتة على واردات البليت بنسبة 16.2 بالمائة.. ومراقبون: قد تُهَدِّد استقرار سلاسل التوريد
خبراء: يمكن تقليص واردات "البليت" وزيادة العوائد الدولارية عبر صناعات تكاملية.. ومُصَنِّعُون: التنوع الإنتاجى والتكامل خطوة فارقة
دمج أضلاع التسليح البوليمرى فى الإنشاءات يعزز الصناعات عالية القيمة تخدم قطاعات عدة
"منظمة الصلب العالمية World Steel ": 
 13.2% ارتفاع بحجم إنتاج الدول العربية من الصلب الخام.. وتراجع إنتاجه عالميًا 1.3% خلال يوليو 2025 على أساس سنوى

يمثل قطاع الحديد والصلب عصب التنمية الاقتصادية، كونه المكون الرئيسي في صناعات البناء والتشييد والبنية التحتية والمشروعات القومية الكبرى، ومع تزايد وتيرة المشروعات، تواجه الحكومات والمستثمرين تحديًا مزدوجًا يتمثل في تلبية الطلب المتزايد محلياً، وفي الوقت ذاته السعي الحثيث لتقليص فاتورة الاستيراد الضخمة.
حماية الصناعة المحلية

ولحماية الصناعة المصرية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية،  أصدر وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حسن الخطيب، قرارًا بفرض رسوم وقائية مؤقتة على واردات الصلب المدرفلة على الساخن لمدة 200 يوم بنسبة 13.6%، وبما لا يقل عن 3673 جنيهًا للطن.

كما فرض وزير الاستثمار رسومًا بنسبة 16.2% على واردات مصر من البليت، بما لا يقل عن 4613 جنيهًا للطن.

وبحسب – بيان وزارة الاستثمار – فإن الرسوم تستهدف حماية الصناعة المصرية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية.

ومن المتوقع أن يسهم فرض هذه الرسوم في دعم المصانع المحلية، والحد من تدفق واردات البليت بأسعار قد تضر بتنافسية المنتج المصري، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات نهائية بعد انتهاء فترة التدابير المؤقتة.

وقالت الحكومة في خطاب لمنظمة التجارة العالمية، إنها بدأت التحقيق بشأن البليت بعد تلقيها طلبًا من المصنعين، حيث أظهر تحليل البيانات أنّ الواردات قفزت بنسبة 643% في عام 2022 مقارنة بعام 2021، ثم تراجعت قليلًا بنسبة 14% في عام 2023، قبل أن ترتفع مجددًا بنسبة 227% في عام 2024.

وبذلك تكون الواردات قد ارتفعت إجمالًا بنسبة 1976% خلال الفترة من عام 2021 إلى عام 2024.

وأشارت الحكومة إلى أن هذه الزيادات حديثة ومفاجئة وحادة وملحوظة سواء من حيث الحجم المطلق أو نسبةً إلى الإنتاج المحلي.

فيما حذر المهندس بهاء ديمتري، مقرر لجنة الصناعة بالحوار الوطني عبر تصريحات متلفزة، من التداعيات السلبية لقرارات فرض الرسوم الوقائية على واردات مصر من خامات الحديد المختلفة، مؤكدًا أن تلك الإجراءات قد تؤدي إلى تعطل المصانع، وتهدد استقرار سلاسل التوريد في عدد من القطاعات الصناعية الحيوية.
13.2% زيادة

تشير التقديرات الصناعية إلى ارتفاع إنتاج الدول العربية من الصلب الخام بنسبة 13.2% خلال شهر يوليو من عام 2025، حيث بلغ إجمالي الإنتاج 3.61 مليون طن، بزيادة قدرها 13.2% مقارنةً بالشهر نفسه من عام 2024، وذلك وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصلب العالمية (World Steel)، فيما تراجع إنتاج الصلب الخام فى العالم 1.3% خلال يوليو 2025، حيث بلغ إنتاج الصلب الخام العالمي من (70 دولة) المُسجّلة لدى منظمة الصلب العالمية 150.1 مليون طن في شهر يوليو 2025، بانخفاض قدره 1.3% مقارنةً بشهر يوليو 2024، وفقًا لما نشره الموقع الرسمي للاتحاد العربي للحديد والصلب.

ورغم وجود طاقات إنتاجية محلية كبيرة تغطي جزءاً هاماً من هذا الاستهلاك، فإنها لا تزال غير كافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل.

فيما ارتفعت واردات مصر من خامات الحديد ومركزاتها ارتفاعًا بنسبة 1.9% خلال 2024 لتسجل 1.658 مليار دولار، مقابل 1.627 مليار دولار، خلال 2023.

وأوضحت بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، استحواذ خامات الحديد ومركزاتها على 1.7% من إجمالي واردات مصر خلال العام الماضي البالغة 94.7 مليار دولار.
الحلول الجديدة

وفي هذا السياق قالت مها حسني، صاحبة شركة لتوريدات الصلب، إن سوق الحديد والصلب في مصر يشهد حالة من الاستقرار على الرغم من التذبذب الذي شهده خلال الفترة من أواخر 2023 وحتى 2024م، والمتغيرات العالمية وتبعات ذلك على الداخل، لا سيما بعد تحرك أسعار المحروقات والذي أثر بنسبة ربما لامست 20%، نتيجة تغير تكاليف النقل والإنتاج، ومع الإقبال على الحلول الجديدة والمستدامة وإدخال عنصر جديد مثل البوليمر المقوى بالألياف إلى الإنشاءات، من النتائج المتوقعة أن يتراجع الطلب على الحديد وبذلك يزداد توافره ويتراجع سعره، بالتزامن مع ارتفاع عوائدنا من المنتجات ذات القيمة العالية التي ستحول إليها صناعيًا في شكل صناعات دقيقة أو ذات أهمية صناعية.
 
البنية التحتية تعزز التجارة البينية

وأوضحت أن تعزيز التكامل الصناعي بين القطاعات المختلفة وإضافة وتوسيع قاعدة الإنتاج وتنوعه بما يحقق مصالح القطاعات الصناعية الكبرى من تروس وهياكل وألواح صلب عالية التحمل للإجهاد والحرارة يعزز قدراتنا التنافسية ويرفع من أحجام الصادرات المصرية، لاسيما بعد التوسع الواضح في البُنَى التحتية عبر تخصيص 65 مليار جنيه لتنفيذ 9 موانئ برية، و10 موانئ جافة، و5 مناطق لوجستية بحلول عام 2030، لتعزيز التجارة مع السودان وليبيا والدول الأفريقية الممتدة على طريق "القاهرة – كيب تاون".

وأكدت أن التوسع في صناعة الحديد والصلب يدعم بدوره قطاعات أخرى، ليس فقط البناء والتشييد، وإنما صناعة السيارات، والسفن، والآلات والمعدات، مما يخلق شبكة إنتاجية متكاملة وقوية، تعزز من نمو الاقتصاد الوطني.

وشددت أن دخول بدائل جديدة ومستدامة تدعم تقليص فاتورة الاستيراد، خاصة حال تَرَكُّزْ الإنتاج في زيادة منسوب القيمة المضافة لإنتاجنا من الحديد، مشددة على أهمية دمج أضلاع التسليح البوليمري فى الإنشاءات بما يعزز الصناعات عالية القيمة وخدمة قطاعات عدة.
زيادة النمو

ونوهت بأن الحلول البديلة والجديدة المستدامة والتعامل بها وفق الرؤية الإنشائية والكودية العلمية والمدروسة ستقلص الفاتورة الاستيرادية لخام البليت، وتزيد تركيزنا على خدمة قطاعات صناعية مهمة، يكون من نتائجها زيادة العوائد الدولارية.

ولفتت إلى أهمية التطوير واستمرارية البحث العلمي في مجالات مختلفة وتبني التكنولوجيا الحديثة بما يحقق نتائج مرتفعة وانعكاسات إيجابية على الاقتصاد الكلي، ومن ثم رفع المستوى المعيشي للأفراد.

المهندس باسم عبيدي، عضو غرفة الصناعات المعدنية، أكد أن التنوع الإنتاجي والحلول الجديدة التي أخذت في الظهور، ربما توفر فرصة أكبر للتخديم على قطاعات صناعية بمنتجات معدنية عالية القيمة بعد رفع جودتها وزيادة القيمة المضافة عبر تحويل الحديد من مجرد استخدامه في قضبان التسليح إلى مكونات دقيقة ومعقدة للمصانع وآلآت، بما يحقق توسع بالصادرات وتلبية المتطلبات المحلية، فالتكامل الصناعي والتنوع يمثلان فرصًا حقيقية لزيادة حجم إنتاج قطاع الحديد في مصر.

وأوضح أن السوق المصرية لا تزال بحاجة إلى العديد من الصناعات، وأن المنافسة الصينية ليست مصدر قلق في ظل قدرة الصناعة المحلية على تحقيق التكامل المطلوب بين مختلف القطاعات الإنتاجية.

وأضاف أن اهتمام مصر بالجانب الإنتاجي والتكاملي على المستوى الصناعي من شأنه تعزيز قدراتها التصنيعية والتصديرية، نظرًا لعدة مزايا تنافسية تتمتع بها، مثل انخفاض تكلفة العمالة والأسعار التنافسية للمنتج نفسه مقارنة بالدول الصناعية الكبرى، بما فيها الصين.

واعتبر أن هذه العوامل تؤهل مصر لاحتلال مركز متقدم على صعيد القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.

وبلا شك فالقطاع الصناعي يستحوذ على اهتمام حكومي واضح من خلال استعراض وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي مستهدفات قطاع الصناعة التحويلية بخطة العام المالي 2025/2026، والتي تضمنت استثمارات مستهدفة بقطاع الصناعات التحويلية قيمتها 252.8 مليار جنيه بخطة العام المالي 2025/2026 بزيادة سنوية 154%، الأمر الذي يوضح مقدار الفرص التي ستتاح أمام القطاع الخاص، والذي يستحوذ على أكثر من 83% من استثمارات القطاع مقابل نحو 17% استثمارات عامة، وفقًا لبيان الوزارة، كما أن الحكومة تبذل جهودًا مضنية لتوطين الصناعات من خلال التنوع الإنتاجي وتحقيق التكامل الصناعي بين المنشآت الصناعية بما يحقق تقليص الفاتورة الاستيرادية، ورفع نسب التشغيل وخفض نسب البطالة، وهو ما يعزز الاقتصاد ويزيد النمو.