قراءة في كتاب الجريمة والعقاب .. الأربعاء 05 يونيو 2024 -10:04 محمــــد أبو أحمــــد : مشاركة الخبر من أصعب الأسئلة التى طرحها دوستويفسكي. في كتابه الرائع الجريمة والعقاب ، ذلك التسأول عن مدى امتلاك كل انسان منا لمكان يستطيع أن يلجأ إليه فى فترات ضعفه وانكساره ، ويتضح ذلك جلياً حينما كتب .. " لا بدّ لكلّ إنسان من أن يجد و لو مكانًا يذهب إليه ، لأنّ الإنسان تمر به لحظات، لا مناص له فيها من الذهاب إلى مكان ما ، إلى أيّ مكان ! هل تدركون يا أصدقائي، ما معنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه ؟" . هذا الكلام و هذا السؤال المؤلم حقا ، ورد على لسان مارميلادوف في رواية دوستويفسكي الخالدة ، الجريمة و العقاب . . تمتاز كلمات دوستويفسكي بأنها صالحة لنسقطها على الكثير من المواقف في حياتنا ، و حتى على قدرتها على تلخيص حياة انسان تلخيصا كاملا لتصبح هي العنوان لحياة أحدنا و بمنتهى السهولة ! دعونا نعيد طرح السؤال بعيدا عن مجريات القصة و بعيدا حتى عن شخصية مارميلادوف ، فقط نكتفي بالسؤال و نعيد طرحه في وقتنا الراهن . هل تدرك ما معنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه ؟ . المقصود هنا بلا شك ، يا صديقي العزيز ليس بالضرورة مكان جغرافي ، بل من المؤكد أنه ليس مكان جغرافي ، و إنما مكان في قلب أحدهم . شخص يكون لك الملجأ و ينجح في إحتواء كل ما تمر به، من أزمات وألم فقدان ورغبة عنيفة في حضن تفرغ فيه معاناتك الرهيبة… دعونا نعيد السؤال: هل عدم وجود هذا الشخص مؤلم ؟ هل يهم كثيرا ؟ أهو أمر ضروري ؟ صورة أصعب و تظهر عظمة دوستويفسكي بشكل أوضح ، هذا السؤال و الذي طرحه مارميلادوف على بطل الجريمة و العقاب " راسكولينكوف " كان في الحانة ، أي أن البوح و خروج الكلام من القلب و بهذه الشفافية كان لشخص غريب و ليس لشخص من داخل أسرة مارميلادوف المتعبة أصلا . و الان ، هل تعرف معنى أن يكون أهل بيتك هم أقل الناس قدرة على فهمك ؟ هل تعلم حجم الجحيم الذي يعانيه شخص يخفي ما بداخله عن أهل بيته ؟ الخوف من الاستهزاء به ، أن ينبذوه ، أن يحاولوا إقناعه بالعكس ، أو ببساطة : أن لا يعيروا إهتمام هل تعرف سيدي الكريم ما معنى ذلك كله ؟؟ أن يرحل عنك أحد ولا تجد دعمًا نفسيا أن تعانق الآسى بكل شراسة.. تلك الحالة اللا إنسانية يعانى منها كثير من البشر فى أوقات واعمار مختلفة فما بين فراق الموت وفراق الأحياء يعيش الإنسان يتألم وحيداً ولا يملك القدرة على البوح بما يجيش بصدره من آهات وتساؤلات قد لا تحتاج سوى يد حانية تربط على كتفيه وكلمات معاده تواسيه وتدفعه لمواصلة حياته تمنحه الأمل في غدا أكثر إشراقا وأقل إيلاماً..