الكاتب الصحفي محمد أبو أحمد يكتب.. ذكريات لا تُنسى في رمضان الإثنين 03 مارس 2025 -04:35 خاص البوصـلة : مشاركة الخبر هكذا بدأ شهر رمضان المبارك ومرت منه عدة أيام وأوشك الاسبوع الأول منه أن ينتهي سريعاً.. وتراودني اليوم بعض الذكريات من شهر رمضان.. فما أكثرُ ما تربطني به من ذكريات صغيراً وكبيرا .. ذكريات الطفولة.. كان اجتماعُ العائلة حولَ مائدة الإفطار، هو أكثر اللحظات سعادة وأكثرها ابهارا . لم تكن مائدةُ عائلتنا شديدة التناسق، كانت أعدادنا كبيرة، الخالات والخلّان في عائلة امي.. والعمات والأعمام في عائلة أبي، وأبنائهم وأبناء أبنائهم، أجيالٌ متعاقبة تجتمعُ حول أطباقٍ متعددة، فكنا نجمعُ كافة أكواب وأطباق البيت على اختلافِ أشكالها، طويلةٌ وقصيرة، وملوّنة، فلا مكان للتنسيق هنا، المهم أن يأكل ويسعَد الجميع. وكنا نفترشُ الأرض لأن الطاولات أيضًا لا تكفينا جميعًا، نجلسُ متقاربين نناولُ بعضنا أطباق الطعام نتجاذب أطراف الحديث ونستمع لكلام الكبار وذكرياتهم . هذا التجمّعُ الكبير من القلوب المترابطة، والأطفال السعيدة، والأحاديث التي لا تنقطع كان هو روح رمضان الحقيقية التي افتقدها كثيراً وأحن إليها .. ثم مرت السنون سريعاً ومات الجد والجدة، وفرقنا الزمان والمكان. ومات من مات وسافر من سافر ، وهاجر من هاجر وافترق الكثيرون لأسباب مختلفة، ولكن بقيت تلك الذكريات الجميلة التي تلهمني و تذكّرني، فكانت أمي رحمة الله عليها، هي النبراس الذي أضاء لنا ليالي رمضان المباركة، بعد وفاة أبي حيث كانت تذكرنا دائماً وأبدا بأهمية صلة الرحم، العطاء والكرم ومساعدة المحتاجين سواء أقارب او جيران او اغراب .. تذكرت ذلك اليوم أيضًا وفرحت بشدة، فبالرغم من أنها فارقتني في رمضان منذ أربعة سنوات، إلا أن كلماتها ودعائها لم يفارقني لحظة، بل كان هو المرشد لي في طريق التطوع والعمل الخيري فإن كنت أمتلك مالاً فنعم ، وأن كنت أمتلك الوقت فلا بأس المهم أن تكون دائماً مبادرا ساعيا في طريق الخير .. ومن هنا اذكر نفسي واذكرك عزيزي القارئ أن هناكَ عائلاتٌ تنهكها الظروف الصعبة، ويرغبون أيضًا لو يجتمعون حول مائدةٍ عامرة بالخيرات، وهناك أطفالٌ في غزة وفي سوريا والسودان واليمن فقدوا أهلهم في غمارِ الحرب، وكل هؤلاء في حاجةٍ لدعمنا الدائم، وألا ننساهم من خيرِ وعطاء رمضان الكريم. كما أن هناك آلاف الأسر المصرية ممن فقدت العائل لها ، او ممن لا يكفيها دخلها لإعداد مائدة الطعام العائلية أو حتى زيارة الأقارب بسبب ضيق الحال.. إن من أهم الأسباب التي تدعوا إلى التعاون والتكاتف ونبذ الفرقة والعمل الفردي هو الحفاظ على قوة المجتمع وترابطه وتكافله ، فكيف يمكن أن تكون قادراً على الاستماع بملذات الحياة و بجوارك آلاف الأسر الفقيرة التي لا تستطيع أن تؤمن لأبنائها وجبة إفطار .. وكيف يمكن أن اخرج وأسهر لتناول السحور في ارقى الفنادق وانا أمر بآلاف الأسر الفقيرة التي لا تعرف كيف ستقضي باقي الشهر !؟.. انا هنا لا أتحدث عن آلاف المتسولين بالشوارع ممن احترفوا مهنة التسول ولن يتركوها حتى لو منحتهم الذهب ، لكن ما يشغلني من ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى، "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" وما أكثرهم ، وان كنا لا نستطيع الوصول إليهم ، فإن الجمعيات الخيرية المرخصة من الدولة المصرية والتي لديها المصداقية يمكن أن تكون أحد الروافد الهامة التي تستطيع أن توفر لتلك الأسر الفقيرة احتياجتها، كما أننا يمكن أن نفعل ذلك بأنفسنا إذا كان لدينا المعرفة بهولاء الفقراء والمحتاجين . إن مساعدة الفقراء والمحتاجين عبر أداء زكاة المال وإخراج الصدقات هي الطريق للفوز برضا رب العالمين في الاخرى ، وليس ذلك فقط ولكن أيضاً بالسعادة الدنيوية . حيث أن محاربة الفقر هو مفتاح السعادة المجتمعية للقضاء على الانحرافات السلوكية، أن انتشار الفقر يمهد الطريق إلى عالم الضياع. فهو يولد الجريمة والجهل والتخلّف والأمراض.