"فهيم": الزراعة تواجه "تغيرات مناخية صامتة" تهدد المحاصيل وتفرض خريطة جديدة للزراعة

الأربعاء 02 يوليه 2025 -09:26

كتبت: صفا الجوهري
قال الدكتور محمد علي فهيم، رئيس المعمل المركزي للتغيرات المناخية بوزارة الزراعة، إن ما شهدته مصر من أمطار مفاجئة أمس الثلاثاء 1 يوليو 2025 في عدد من مناطق الوجه البحري وسيناء، رغم موجة الحر الخانقة، هو أحد المظاهر الخطيرة وغير المتوقعة لتغير المناخ، والتي أصبحت أكثر تواترًا وحدة في السنوات الأخيرة.

وأكد أن هذه الظواهر لا تمثل استثناءات مناخية، بل نمط متكرر ومرشح للاستمرار مستقبلًا في صور أكثر شراسة وتوقيتات أكثر اضطرابًا، وهو ما يضع الزراعة المصرية تحت تهديد حقيقي.

 وأوضح "فهيم" أن موقع مصر الجغرافي يحميها نسبيًا من الكوارث المناخية العنيفة مثل الأعاصير والسيول الجارفة، إلا أن البلاد تعاني من شكل آخر من التغير المناخي يعرف بـ"التغيرات المناخية الصامتة"، حيث تتغير المواسم، وتتشوه دورة المناخ، ويكون التأثير مباشرًا على الزراعة دون مظاهر واضحة للعيان.

وأوضح "فهيم" أبرز مظاهر التغير المناخي التي تهدد الزراعة المصرية:

- تداخل الفصول وتلخبط المواسم الصيف يأتي مبكرًا ويضرب المحاصيل بقوة، كما حدث في سنوات مثل 2016، 2020، 2024، و2025، مما أدى لخسائر فادحة في الفواكه والخضر مثل المانجو والزيتون والطماطم.

- شتاء متأخر وطويل استمرار البرودة حتى مايو كما حدث في 2019 و2023 أثّر على تزهير الفاكهة وانتشار أمراض مثل صدأ القمح وأعفان الثمار.

- صيف شديد الحرارة صيف 2024 شهد متوسطات حرارة غير مسبوقة، تجاوزت المعدلات بأكثر من درجتين، مما أدى إلى ضعف في الإنتاج والجودة، خاصة في الزيتون والقطن والفاكهة.

- شتاء مذبذب بين البرودة الشديدة والدفيء الزائد الصقيع أضر بمحاصيل مثل الموز والمانجو، بينما الدفء الزائد أثر على إنتاج الزيتون والتفاح وزاد من نشاط الحشرات على مدار العام.

- أمطار خارج الموسم أمطار غير متوقعة في الصيف (كما حدث في 2024 و2025) أربكت مواسم الزراعة وأضرت بمحاصيل مثل الذرة والسمسم والكتان.

- رياح خماسين شرسة تضرب مواسم التزهير في الربيع وتؤثر على قدرة النباتات على العقد والإنتاج.

وأشار "فهيم" إلى أن الخطر الحقيقي هو الاستمرار في استخدام نفس نظم الزراعة القديمة، رغم التغير الجذري في المناخ، حيث ما زال كثير من المزارعين يعتمدون على نفس التقاوي، والمواعيد، والممارسات، وكأن الظروف المناخية لم تتغير، وهو ما يجعلهم الضحية الأولى للخسائر.

وطالب "فهيم" بضرورة إعادة صياغة الخريطة الزراعية المصرية بالكامل وفقًا للواقع المناخي الجديد، من خلال: تعديل مواعيد الزراعة، واختيار أصناف جديدة مقاومة للحرارة والجفاف، وتطوير برامج الري والتسميد والمكافحة، واستخدام نتائج البحث العلمي بدلًا من الاعتماد على الخبرات القديمة، وتفعيل نظم الإنذار المبكر المناخي، ودعم المزارعين بالتدريب والإرشاد والتقنيات الحديثة، وتوجيه الاستثمارات للبحوث المناخية الزراعية.

وأكد أن هذه الإجراءات لم تعد رفاهية، بل ضرورة وجودية لحماية الأمن الغذائي المصري في ظل واقع مناخي يتغير بسرعة وبلا إنذار.