التغير المناخي يهدد الأمن الغذائي.. وجهود متزايدة لمكافحة الآثار السلبية الأحد 21 مايو 2023 -04:11 كتب- أحمد عمر : مشاركة الخبر "مختصون": التكيف يحتاج لتحديث وتطوير طرق الزراعة والري دكتور عصام شلبي: هناك تجارب على الزراعات الملحية.. وتغير التركيب الوراثي للنبات يحتاج معايير دكتور سعد زكريا: نقص الغذاء يحتاج لتكاتف الجميع يعيش العالم تحت وطأة التغيرات المناخية، متأثرًا بالاحترار والتصحر وتغير درجة الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع نسبة الغازات الدفيئة، ما ألقى بظلاله على القطاعات المختلفة، من بينها القطاع الزراعي الذي يشهد تراجع إنتاجية بعض المحاصيل بصورة ملحوظة نتيجة عوامل عدة من بينها التصحر والجفاف، وزيادة الملوحة في الأراضي المجاورة للساحل، فضلاً عن نقص مياه الري، واختفاء بعض الكائنات النافعة وزيادة أخرى كالبكتريا والفيروسات التي تختلف من بيئة أومنطقة إلى أخرى بحسب فصول السنة التي قاربت أن تتداخل مع بعضها، ما يتطلب بضرورة تكثيف البحث العلمي للتكيف مع المعطيات التي نحن بصددها الآن. تشير هيئة الأرصاد الجوية في تقرير لها أن ُمناخ مصر تغير خلال العشرين عامًا الأخيرة بمعدل 1.5 إلى 2 درجة مئوية، ما يؤثر قطعًا على اكتمال نضج الحبوب وعمليات التلقيح للنباتات وانعكس تباعًا على إنتاجية مصر من المحاصيل الزراعية. وفي هذا الصدد أوضح الدكتور عصام عزت شلبي، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، أن التغير المناخي يشمل الاحترار، ارتفاع منسوب سطح البحر سيضغط على منطقة الدلتا بزيادة التمليح، كذلك فإن التغيرات المناخية ستعمل كنوع من الأمور الغير معتاد عليها في السابق فمثلاً قد نشاهد عواصف غير اعتيادية أوبرد شديد أو حر شديد وهي ظروف غير مواتية لنمو المحاصيل، فضلاً عن تغير كميات الأمطار عن مواسمها . وتابع "شلبي": أما فيما يتعلق بالمحاصيل فيوجد في مصر احترار وموسم شتوي وآخر صيفي، وباعتبارنا جزء من العالم فإن موسم زراعة القمح المتعارف عليه يبدأ من نوفمبر وحتى منتصف ديسمبر، وقد يتغير هذا أمام الزراعات الموسمية، ما يجعلنا في حاجة ماسة لتحديث طرق الزراعة والري والمعاملة للنباتات والبذور من حيث مدى كفاءتها لامتصاص الماء، وتحسين وانتخاب الأصناف المقاومة للجفاف والملوحة ونقص المياه، مشددًا على ضرورة الاهتمام بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والذرة والأرز، وهنا يتبادر سؤال: هل يمكن الاستفادة من النباتات الملحية المحبة للملوحة أو ما يعرف بالزراعات المحلية؟. هناك أبحاث ودراسات على بعض النباتات مثل الكينوا – الساليكورنيا - وهو نبات غني بالأملاح المعدنية والسكريات، بالإضافة إلى احتوائه على الكالسيوم والمغنيسيوم ويوجد تجارب لزراعته الآن في الوادي الجديد والبحر الأحمر، ويمكن استخدامه كمصدر للوقود الحيوي كما يدخل في صناعة الأعلاف ويتحمل الملوحة، ويجود في الأراضي ذات الملوحة العالية أو ذات الجودة المنخفضة ويروى بماء البحر، أما فيما يتعلق بالمحاصيل والنباتات الاستراتيجية فإن التركيب الوراثي لها يحتاج إلى وقت ومختبرات، لذا فإن مصر تعمل الآن على تدوير وتحلية المياه وبدأت سابقًا بمحطتي المحسمة وبحر البقر وهي من أهم محطات التدوير، وجاري العمل الآن في محطة الحمام لتكون من أكبر محطات تحلية وتدوير المياه على مستوى العالم حيث ستكون قادرة على ري 360 ألف فدان بالمياه المعالجة. من جانيه يقول الدكتور سعد زكريا، أستاذ بقسم الكيمياء وسمية المبيدات بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ، إن التغيرات المناخية التي ضربت العالم، أخذت تترجم في أشكال نقص المواد الغذائية وباتت خطرًا يهدد وجود البشرية وهو الأمر الذي تنبهت له دول العالم أجمع وأخذت الدولة المصرية جانبًا من تلك الاهتمامات وترجمت ذلك في استضافة قمة المناخ "كوب 27"، لتتحول القمة من اتفاقات ووعود إلى خطط تحتاج التنفيذ على أرض الواقع بغرض السيطرة على تفاقم الأزمة وتنفيذ مخرجات عمل وآليات بما يحقق استقرار الحياة ويقلل من حدة التغيرات الكارثية على البشرية. وأوضح "زكريا" في تصريحات خاصة: هناك تأثير على أشكال الإنتاج الزراعي سلبًا وإيجابًا من بين المحاصيل التي تتأثر بتغير درجات الحرارة القمح وهو أحد أبرز المحاصيل التي تأثرت سلبًا، خلال موسم الزراعة للعام الماضي محليًا بحجم تراجع بلغ حوالي 15% من حيث الكمية والجودة، وظهر ذلك بشدة في محافظة الوادي الجديد بالفرافرة وما حولها وبمحافظات وجه بحري بكفر الشيخ والغربية والبحيرة، كما لوحظ زيادة الآفات نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة ببعض أنواع التربة، ومن ثم زيادة الأمراض وبعض الآفات الحشرية التي تحولت من آفات ثانوية إلى آفات رئيسية، كالقواقع والقوارض وبعض الحشرات التي أدت إلى زيادة مكثفة كالذبابة البيضاء وغيرها، ليزيد سلبًا في ارتفاع مستوى التكلفة على حساب دراسة الجدوى والكلفة الاقتصادية لإنتاج المحاصيل. وأوضح أن هناك بعض المحاصيل التي تحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة ويمكن تجربتها في محافظات الوجه القبلي والصعيد أو مناطق الوادي الجديد مثل زراعة نبات الباباز وزراعة النباتات الطبية والعطرية أو زراعة نبات الشاي كتجربة يمكن تنميتها على بعض أنواع الزراعات القارية أو شبه الاستوائية ومنها نبات شيح البابونج، الكراوية والينسون. وأشار إلى أن هناك أنواع من الأشجار يمكن أن تصلح زراعتها في الصعيد ومناطق الوادي الأمر الذي يدعونا للاتجاه إلى مراكز البحوث الزراعية لدعمها نحو دراسة وتجريب محاصيل جديدة تتناسب مع درجات الحرارة المرتفعة وبخاصة المناطق الصحراوية، بالإضافة إلى بعض النباتات الطبية البرية، والتي بدأت تنبت في المناطق الصحراوية منها الشيح الخرساني أو الشيح البلدي والصبار وبعض النباتات التي تنشأ بمناطق السيول والمناطق الجبلية والسهول والهضاب ويجب النظر فيها وإعادة تشكيل البيئة النباتية ودراستها دراسة دقيقة، من المتخصصين في مراكز أبحاث الصحراء والجامعات وإعادة النظر في النباتات التي أنبتت في مناطق ظهور السيول مثل أسوان والغردقة ومحافظة البحر الأحمر وجنوب سيناء. وأفاد أنه يمكن الاستفادة من المتغيرات الجديدة ومحاولة توظيفها بما يفيد، فالبابونج أحد المحاصيل النباتية طبية الاستخدام حيث يمكن التوسع في زراعته وزيادة إنتاجيته، كذلك الشبت والكركديه والزيتون الذي ينتج الزيوت تحت درجة عالية من الحرارة، وكذلك النخيل الذي تم فعليًا تنفيذ خطط للتوسع في زراعته كالمجدول والبارحي والسكري والساقعي والذي تم زراعة أنواعه في توشكى والوادي الجديد وهي الدرجات العليا، حيث تم زراعة مليون ونصف المليون نخلة، وتتجه خطط وزارة الزراعة مستهدفة زراعة قرابة 7 ملايين نخلة. ولفت إلى ضرورة الاهتمام بالزراعات البديلة الداعمة للنمو ورفع مستوى الاقتصاد المحلي كالشاي والكاركاديه والذي يمكن دراسة تجارب زراعته والتوسع في زراعته بعد التأكد من صلاحية الأمر وجدواه، بالإضافة إلى النباتات العطرية التي نستوردها من الخارج كالكمون والفلفل الأسود والحبهان وغير ذلك، بعد أن يتم تقييمه في ظل المتغيرات الحديثة. ونوه بأن المحاصيل التقليدية الحالية بدأت تتأثر بالعوامل المناخية والتغيرات الحرارية وتراجعت إنتاجية، فلابد من إعادة دراستها بحثيًا لإعادة توأمتها مع التغيرات الجديدة، فمثلاً نحتاج إلى قمح يحتاج إلى إلى دراجة حرارة عالية وأرز يتحمل درجات مرتفعة من الحرارة ورطوبة وبرسيم حجازي يتحمل الحرارة العالية، وكلها تحتاج إلى دراسات ودعم بحثي وتكاتف من قبل مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي ووزارة الزراعة وأكاديمية البحث العلمي لإعادة التقييم البحثي لهذه الظاهرة.