توقعات متباينة لأداء القطاع المصرفي في 2024 الخميس 01 فبراير 2024 -05:23 تقرير: سمر ابو الدهب : مشاركة الخبر أبو الفتوح: أتوقع أداءًا قويًا للقطاع المصرفي رغم التحديات الاقتصادية العالمية توقعات بانخفاض مُعدلات القروض المُتعثرة لـ 6% الجرم: تنفيذ برنامج الطروحات سوف يجذب النقد الأجنبي ويُزيد الاحتياطي الدولي لدى البنك المركزي السوق السوداء أبرز تحديات صانعي السياسة النقدية في العام الجديد رفع الفائدة حائل أمام تحقيق نمو اقتصادي معقول الجالي: توقعات بتجاوز الدولار 60 جنيهًا في السوق السوداء في الربع الأول من 2024 خفض قيمة العُملة المحلية المُرتقب ربما يتسبب في ارتفاع التضخم إيمان سعيد: المركزي مُطالب باتخاذ إجراءات احترازية وتطوير أدائه في 2024 أسعار الفائدة لم تعد الآلية الوحيدة لكبح التضخم مضى عام 2023 تاركًا خلفه إرثًا من العوائق الاقتصادية التي عمّت دول العالم كافة؛ على أثر الأزمات المُتلاحقة وأبرزها الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت لشلل تام في شتى القطاعات، وساهمت في تسارع خروج الأموال الساخنة من سوق المال المصرية وهو ما أثر على احتياطي مصر من العملات الأجنبية، ويحمل القطاع المصرفي في مصر على عاتقه مسئولية كبيرة تجاه ما آلت إليه الأوضاع في 2023 وما سبقها من سنوات عجاف، ولا شك أن 2024 تحمل له تحديات كثيرة في ظل ارتفاع مُعدلات التضخم وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار وغيرهم من المُشكلات، وبالرغم من ذلك إلا أن الآراء تُشير إلى قُدرة القطاع المصرفي على تخطي تلك الصعوبات وتتوقع أن يشهد أداءًا قويًا في 2024.. وفي ذلك قال الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، أن المؤسسات المالية العالمية والمحلية تتوقع أن يشهد القطاع المصرفي المصري أداءً قويًا في عام 2024، وذلك على الرغم من استمرار التحديات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار. وأشار أنه وفقًا لتقرير للبنك المركزي المصري بخصوص المركز المالي الإجمالي للبنوك، من دون البنك المركزي، ارتفع صافي أرباحها بعد خصم الضرائب خلال الـ 9 أشهر الأولى من العام الماضي 2023، بأكثر من 127%، وبلغ نحو 212 مليار جنيه مُقابل 93.5 مليار جنيه لنفس الفترة من العام السابق. ويأتي هذا التوقع نتيجة عدة عوامل، منها: • ارتفاع أسعار الفائدة، والتي تؤدي إلى زيادة إيرادات البنوك من القروض. • ارتفاع نسبة العائد المُقدم على أذون وسندات الخزانة. • استمرار توسع البنوك في تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، والتي تساعد البنوك على جذب المزيد من العملاء. • انخفاض مُعدلات القروض المُتعثرة، والتي من المتوقع أن تنخفض إلى 6% في عام 2024. • زيادة كفاءة البنوك في إدارة التكاليف. مشيرًا، أن هناك بعض التحديات التي قد تؤثر على أداء البنوك المصرية في عام 2024، ومنها: • استمرار ارتفاع التضخم، والذي قد يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعُملاء. • تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، والذي قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد. • استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتي قد تؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية. بدوره أكد الدكتور رمزي الجرم الخبير المصرفي، إنه على الرغم من شدة الأزمة ، واستمرار تسارع وتيرتها بشكل شديد على الاقتصاد المصري؛ إلا أن الآمال ما زالت معقودة على تخفيف جزء كبير منها في 2024، انطلاقًا من تبني حزمة من السياسات والإجراءات الاقتصادية الحكومية التي تم العمل بمُقتضاها منذ بداية العام الجديد؛ أهمها بدء تنفيذ عضوية مصر في مجموعة بريكس، والتي من الممكن أن تُساهم بشكل كبير في انفراجة ملحوظة في أزمة النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي، والتي تُعتبر هي السبب المُباشر في استمرار أمد الأزمة وتسارع وتيرتها بشكل مُقلق للغاية، فعدم توسيط الدولار الأمريكي في كافة صفقات التبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء في مجموعة بريكس، فضلًا عن الحصول على مزايا تفضيلية عند تنفيذ صفقات التبادل التجاري بين تلك الدول ومصر، من مبدأ الدولة الأولى بالرعاية المُطبقة في اتفاقيات التجارة العالمية "الجات"، من شأنه أن يُحقق حصيلة وافرة من الدولار الأمريكي. وأفاد، إنه من المُنتظر تنفيذ حزمة من الطروحات الحكومية في الربع الأول من 2024، والتي سوف تجلب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي بشكل كبير، والذي سيسهم في زيادة قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي ودعم ميزان المدفوعات، وضبط سوق الصرف الأجنبي، وبما قد يدعم السلطات النقدية للحفاظ على العُملة المحلية؛ حال إجراء تعويم جديد لها أمام الدولار الأمريكي، والذي من شأنه القضاء الجزئي للسوق السوداء للصرف الأجنبي، والتي تعتبر أحد أهم التحديات أمام صانعي السياسة الاقتصادية والنقدية في جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ولفت "الجرم"، أن هذا المنحى لا يمكن أن ينسجم مع استمرار رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض أو حتى الاستمرار في تثبيتها عند مستوى 19.25 & 20.25 للإيداع والإقراض على الترتيب، إذ أن استمرار وجود أسعار فائدة مُرتفعة عند هذا الحد، من شأنه أن يواجه أي مسعى نحو تحقيق مُعدلات نمو اقتصادي معقولة ، على خلفية زيادة كُلفة الإئتمان أمام الشركات والكيانات الاقتصادية التي تطلب الإئتمان اللازم لفتح خطوط إنتاج جديدة أو حتى تطوير خطوط الإنتاج القائمة، من أجل زيادة إنتاج السلع التي تلائم حجم الطلب المُتزايد؛ حتى يتم كبح جماح التضخم الذي كسر حاجز 38%، على خلفية أن المُشكلة الأكثر شدة التي تواجه الاقتصاد المصري، هي صدمة في جانب العرض؛ وليست في جانب الطلب، من مُنطلق ارتفاع أسعار السلع المستوردة؛ نتيجة ارتفاع أسعار النفط العالمية وزيادة تكلفة النقل والشحن والتأمين، الناتجة عن تعطل سلاسل التوريد ،خصوصًا بعد إندلاع الحرب الدائرة في الأراضي المُحتلة، وهذا يؤكد ضرورة تبني التخفيض التدريجي لأسعار الفائدة خلال الفترة القليلة المُقبلة، والذي سيؤدي بدوره إلى تخفيض نفقات إنتاج المُنتج المحلي، مما يؤسس لثقافة الاعتماد على المنتج المحلي وتخفيض فاتورة الاستيراد التي ستوفر موارد من النقد الأجنبي التي كانت ستخرج من البلاد، فضلًا عن أن وجود طلب المنتج المحلي، سيُعزز زيادة دوران عجلة الإنتاج، وما له من إنعكاسات إيجابية على تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد بشكل حقيقي. و ذكر "الخبير المصرفي"، أن وجود أي تصاعُد جديد في القتال الدائر حاليًا في قطاع غزه، سوف يكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد المصري، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر، والتي من المُمكن أن تؤثر بشكل مباشر على أحد أهم الموارد السيادية للاقتصاد المصري، وهو المُتعلق بالممر الملاحي لقناة السويس، فضلًا عن ارتفاع أسعار النفط والحبوب الأساسية ومُستلزمات الإنتاج، نتيجة زيادة نفقات الشحن والتأمين والتأخير في تسليم البضائع في عرض البحر، نتيجة تبني طرق بحرية تقطع مسافات طويلة حول القارة الإفريقية. من جهته قال الدكتور رامي الجالي مُدرس التمويل والاستثمار المُساعد، إذا تابعنا بشكل سريع اهتزازات سعر العُملة المحلية، نجد أن الجنيه المصري فقد أكثر من نصف قيمته أمام الدولار الأمريكي بداية من عام 2022 حتى نهاية 2023، مرجحًا إنه لن يكون الانخفاض الأخير للعُملة؛ حيث تُشير مُعظم الإحصائيات والمُعطيات الاقتصادية إلى أن الحكومة ستلجأ لمزيد من التخفيض في 2024 وربما يلامس الدولار الواحد حدود 40 جنيه في السوق الرسمية ويتخطى حاجز الـ 60 جنيهًا في السوق السوداء خلال الربع الأول من 2024 وربما يتبعه أيضًا مزيد من التخفيض في الربع الأخير من العام، ويتوقف ذلك على استقرار الأحداث الاقتصادية والسياسية في المنطقة من عدمه. أضاف "الجالي"، أن خفض قيمة العُملة المتتالي يزيد من تكلفة فاتورة الاستيراد، وبالتالي ربما يتسبب في ارتفاع مُعدلات التضخم مرة أخرى. تابع، بالنظر إلى حجم الدين نجد إنه بلغ في نهاية عام 2023 أرقام كارثية حيث بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي حوالي 102%؛ نتيجة الاستمرار في سياسة الاقتراض لتمويل بعض المشروعات التنموية، وأيضًا نتيجة للارتفاع المُستمر في مُعدلات الفائدة، وهو الأمر الذي يُزيد من خدمات وتكاليف الدين حيث أن كل زيادة 1% في مُعدلات الفائدة تُزيد الدين العام حوالي 70 مليار جنيه. ولفت، إن معظم المؤشرات عالميًا ومحليًا تُشير لاحتمالية عدم التغيير في سعر الفائدة خصوصًا بالإرتفاع، حيث لا يوجد في الوقت الحالي أي سبب جوهري لرفع الفائدة، ويرجع ذلك لانخفاض مُعدل التضخم الذي تراجع إلى 36.5% في نوفمبر 2023، بالإضافة إلى إنخفاض أسعار أغلب السلع الزراعية عالميًا؛ نتيجة بعض التسهيلات التي حدثت في سلاسل الإمداد بعد انخفاض حدة الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضًا نتيجة لانخفاض مُعدلات التضخم عالميًا، وهو ما بدى جليًا في تثبيت الفيدرالي الأمريكي لمُعدلات الفائدة في اجتماعه الأخير للعام الماضي 2023. في سياق مُتصل أكدت الدكتورة إيمان سعيد الخبيرة المصرفية، أن البنك المركزي المصري يلعب دورًا استراتيجيًا هامًا فى المحافظة على اتزان السوق المصرفي والتزامه بالسياسات البنكية، وحماية الاستثمارات، وتوفير السيولة النقدية اللازمة لتلبية الحاجات الاقتصادية للمواطنين، والمُساهمة في استقرار السياسات المالية للدولة واستهداف مُعدلات التضخم لخفضها لأدنى مستوى بعد أن حققت مستويات مُرتفعة لم تشهدها من قبل والتى عكست بشكل عام اختلالًا أو ضغوطات یشھدھا الاقتصاد، و أدت أيضًا إلى ارتفاع مستوى النقود "عرض النقد" في المجتمع مقارنة بمستوى المعروض من السلع والخدمات، كما قد یعكس ضغوطات تتعرض لھا قیمة العُملة المحلیة مُقابل العُملات الأجنبية وبالتالي ارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة. ونوهت، إنه وسط تلك التحديات، من المهم أن يتخذ البنك المركزى المصرى إجراءات احترازية شاملة لإعداد نفسه لسيناريوهات مختلفة لتطوير أدائه في عام 2024، منوهة أن في حال اتخاذ البنك المركزي قرار بتحرير سعر الصرف خلال الربع الأول من 2024، سوف يتبعه بالتأكيد رفع لأسعار الفائدة؛ حيث أن أسعار الفائدة ستكون أداة فعالة ومُساعدة لقرار تحرير سعر صرف الجنيه، للحد من عمليات الدولرة التي تزايدت الفترة الأخيرة ودفعت بالسعر لمستويات قياسية في السوق الموازية. وأشارت "سعيد"، أن الشهادات الادخارية الأخيرة التي قام بنكي مصر والأهلي المصري بطرحها مؤخرًا قد يكونا سببًا قويًا لقيام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، خاصة بعد قدوم موعد استحقاقات أجل شهادات الـ 22.5% والـ 25% التى أصدرها البنك الأهلى ومصر فى شهر يناير الماضى 2023. وأفادت، إنه ليست هناك حاجة لرفع مُعدلات الفائدة إذا لم يتم اتخاذ قرار بتحرير سعر الجنيه، حيث أن أسعار الفائدة لم تعد الآلية الوحيدة المناسبة لكبح زمام التضخم.