محمد صفوت

الرحمه اخلاق وعمل ..

الجمعة 09 مايو 2025 -02:40
الرحمة خلق عظيم من أخلاق الإسلام، وهي صفة من صفات الله تعالى، وسنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وروح تسري في حياة المؤمن فتملؤها نورًا وسكينة.

ما من قيمة تُحيي الضمير الإنساني وتزكّي النفس وتصلح المجتمعات أعظم من الرحمة، إذ بها تتجلى إنسانية الإنسان، وتُبنى علاقات المودة والتسامح، وتتسع دائرة الخير والبر بين الناس اجمعين لقد كتب الله الرحمة على نفسه، فكانت أصلاً في صفاته وأفعاله، وافتتح بها كتابه، فكل ما في الخلق من رفق ولين إنما هو أثر من آثار رحمته التي وسعت كل شيء.

وهو سبحانه يتجلى لعباده باسم الرحمن الذي يدل على شمول رحمته لكل خلقه، وباسم الرحيم الذي يدل على دوام هذه الرحمة ولطيف آثارها في حياة العباد.

بل انزل سوره فى كتابه اسمها الرحمان ولما كانت الرحمة بهذه المنزلة، فقد بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون تجسيدًا لها في سلوكه ودعوته وتعليمه، فقال سبحانه وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان رحمة مهداة كما وصف نفسه، ومن سار على هديه في الرحمة فقد فاز وسعد في الدنيا والآخرة، إذ لا يُتبع نهج الرحمة إلا من كان رفيقًا بالخلق، مشفقًا على الناس، حريصًا على هدايتهم وتعليمهم بالرفق لا بالشدة.

وقد وصفه الله تعالى بالرأفة والرحمة بالمؤمنين، فقال بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأثنى عليه بلين جانبه وحُسن تعامله فقال فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك.

فكان هذا الخلق الكريم سببًا في انجذاب القلوب إليه وتعلق الأرواح به.

وقد برزت رحمته في أشد المواقف قسوة حين ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الإيمان فآذوه ورموه بالحجارة، فأتاه جبريل ومعه ملك الجبال وقال له إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين، فقال بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله، وهذه قمة الرحمة التي تغلب الغضب وتصنع من الأذى دعاءً بالهداية.

وبعد هذا الموقف الرحيم من النبى سمعه نفر من الجن فاسلمو وأصبحت رحمته رحمه للعالمين وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أمته على هذا الخلق العظيم في كل موقف، فكان يُظهر رحمته بالصغار والضعفاء والفقراء، ويحث على الستر والمواساة، فقال من ستر مسلماً ستره الله فى الدنياه والاخره ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنياه والاخره والله فى عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

فالرحمة تتجاوز المشاعر إلى الأفعال، وتترجم إلى سلوك واقعي في حياة المسلم مع من حوله. قال تعاله محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم والرحمة في الإسلام لا تقتصر على الإنسان بل تشمل الحيوان والجماد، وهي خلق يملأ حياة المؤمن إذا تزكى قلبه، واستقامت نيته، وتعلق بالصفات المحمودة.

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من يرحم يرحمه الله، فقال ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، فهذه قاعدة جامعة تعلي قدر الرحمة وتجعلها مفتاحًا لرحمة الله وعونه. فالله فى عون العبد ما دام العبد فى عون اخيه وهكذا يتبين أن الرحمة ليست اخلاق مصتنعه بل هي منهج حياة، وفلسفة تعامل، وميزان إنساني رفيع، بها يتكامل المجتمع، وتزدهر القلوب، وتُرفع الدرجات، فكل من اتصف بها فقد اقتدى بالنبي الكريم، واهتدى بهدي الإسلام، وسار في طريق الصالحين.

فكلما زاد قدر الرحمة التي تتعامل بها مع نفسك، زادت قدرتك على استخدامها تلقائياً في تعاملك مع الآخرين.

فالرحمة اخلاق إنسانيه ..