بمناسبة نتيجة الثانوية العامة، أود أن أهمس فى أذن كل أب له ابن «أو بنت» كان فى ثانوية هذا العام، وأقول: شهادة الثانوية العامة ليست نهاية العالم، فليس بشهادة الثانويه العامة، أو أى شهادة غيرها، يحيا الإنسان.
ليس كل من حصل على مجموع فوق الـ٩٠ أو ٩٥٪ أصبح عالمًا أو غنيًا.
وليس كل من حصل على ٧٠٪ مثلًا فاشلًا.
*** مُستقبل أولادنا فى الحياة ليس فى الكلية وحدها.. توجد أسباب أُخرى؛ منها عزيمتك وإصرارك ونشاطك واجتهادك وذكاؤك ومهاراتك البدنية والفكرية والسلوكية.
وموهبتك فى «شىء ما» أو «فى أى حاجة».. وثقتك بنفسك وشُغلك على نفسك «مثل الحصول على دراسات ودورات فى مجالات معينة أو اتقان حرفة» وسعيك ومُثابرتك وكفاحك.
* معظم الخريجين الآن لا يعملون بكلياتهم أو بمؤهلاتهم.
منذ سنوات كنت أعرف خريج كلية اقتصاد وعلوم سياسية يعمل بمحل ملابس فى ميدان الجيزة وآخر يعمل مدرسًا.
وليس كل خريج كلية اقتصاد وعلوم سياسيه عمل سفيرًا.
وليست كل صيدلية يملكها صيدلى.
أعرف مَن حصل على بكالوريوس ويعمل بائعًا للخضار والفاكهه.
وأعرف خريج كلية أصول الدين يعمل عامل بناء.
وآخر شريعة وقانون يعمل نجارًا.
وأعرف خريج كلية الصيدلة يعمل بمحل كشرى يضع الصلصة على الأطباق.
بل أعرف صحفيين «شاطرين» مؤهلاتهم كليات مثل تجارة أو حقوق أو آداب.. أحبوا القراءة والبحث عن المتاعب فنجحوا وتفوقوا فى الصحافة، بينما بعض خريجى كليات الإعلام لم يعمل بالصحافة أو الإذاعة أو التليفزيون.
*** الرزق ليس بالشهادة.. قابلت أميين يتكلمون فى كل المجالات بطريقة جيدة ويناقشون ويتحدثون بطلاقة ويلعبون بالفلوس كمان، وقابلت مدرسين بالجامعة ولا يجيدون الحديث ويغيب عن تفكرهم المنطق.
الأهم من الشهادة الأخلاق. مفيش حاجة «ع الورق» اسمها «كلية قمة».. نجاحك يكمن فى أنك تكون «قمة» فى أى مجال تبدع فيه وتصل لقمة النجاح.
وأحيانًا تكون هناك أخطاء فى وضع أسئلة الامتحانات وهناك أخطاء فى التصحيح، بدليل أن وزارة التربية والتعليم تفتح باب التظلمات من أخطاء التصحيح كل عام بعد إعلان النتيجة، وأنا ذهبت إلى مكان التظلمات منذ سنتين، وهو الكنترول الرئيسى فى المدينة التعليمية بمدينة 6 أكتوبر، وبالقرب من مول مصر وكومباوند الخمائل أمام مدينة الشيخ زايد؛ يأتى إليه الطلاب من جميع أنحاء الجمهورية؛ مَن يؤكد أنه تعرض لظلم فى هذه الامتحانات.. تحدثت إلى الكثير منهم.. هذا من محافظة كذا بالصعيد وهذا من مطروح وهذا من المنصورة أو دمياط.
وهناك أناس لا يحصلون على درجاتهم لأنهم ظُلموا.. فمَن يقوم بوضع الامتحانات ومَن يصحح الامتحانات بشر يُخطئون ويُصيبون.
«ولا يظلم ربك أحدًا» وإذا ذاكرت طوال العام.. وعملت كل اللى عليك ولم تحصل على مجموع كبير فهذه قدراتك فى التحصيل وهذا قضاء الله.
*** واحذر أن تقارن أولادك بنظرائهم. لأن لكل إنسان قدرات عقلية ومعرفية تختلف عن الآخر..
قدرة على الاستيعاب وقدرة على الفهم وقدرة على التحليل وقدرة على التذكر.
وإذا أخذنا مجموعة من الناس فى مرحلة عمرية معينة وأجرينا عليهم اختبارات الذكاء، فسنجد أن هناك تفاوتًا كبيرًا فى القدرات الذهنية، فمنهم النوابغ وهم قلة، ومنهم الأغبياء وهم قلة، أما معظمهم فسنجدهم بين هؤلاء وأولئك..
توجد تمارين لتنمية الذكاء وتطوير للقدرات العقلية وتمارين لتحفيز خلايا المخ. د. كارول دويك، عالمة النفس الأمريكية، الأستاذة فى جامعة ستانفورد، الكاتبة والمحاضرة الشهيرة فى مجال التفكير، في عام 2006، صدر لها كتاب شهير يحمل عنوان «عقلية» (Mindset)، خُلاصته أن معدل الذكاء ليس ثابتًا أو نهائيًا أو مُسلّمًا به، بل يمكن تعزيزه بطرق علمية تجعلنا أكثر ذكاءً
*** سامحهم الله.. كل المسئولين طوال العقود السابقة الذين لم يسعوا فى إنهاء هذه المأساة وجعلوها سنة عذاب ورعب ووجع وتعب وإحباط واسْتِسْلام وهَزِيمَة لكل أولادنا.
حتى بعض أهل التعليم أنفسهم( بالإهمال في الشرح داخل المدارس أو طمعًا في كِنز الدروس الخصوصية) أسهموا فى أن نصل لهذه المرحلة، والإعلام لم يشارك فى توضيح حقيقة هذه السنة أو زاد من خوف طُلابنا منها .
منذ سنوات.. كل ابن أو بنت، من أبنائنا، أقابلهم وأعرف أنهم مروا بـ«ثالثة ثانوى».. وأصابهم من الإحباط ما أصابهم.. أقول لهم: من رحمة ربنا.. الرزق والسعادة مش بالشهادة.
للتواصل: Azmy5050@gmail.com