د. نسرين محمد فتحي

النغمة الأخلاقية للشركات

الأحد 25 مايو 2025 -01:19
يحظى الإفصاح المحاسبي بأهمية كبيرة حيث يتوقف عليه اتخاذ القرارات الاستثمارية الهامة سواء كان الإفصاح يتعلق بمعلومات مالية أو غير مالية، كما أنه يترك انطباعا معينا في ذهن الآخرين، وقد يكون هذا الانطباع إيجابيا أو سلبيا.

وفى ظل التحول للرقمة وعالم الميتافيرس وانتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في معظم الشركات، فقد ساهم ذلك في تنوع الأساليب الخاصة بالتلاعب والتضليل وليس ذلك فحسب، بل أصبح بالإمكان إخفاء هذه الأساليب مما يصبح من الصعب اكتشافها، وبالتالي أصبحت الممارسات الأخلاقية للمنشآت تشغل فكر البعض من الأطراف ذوى المصالح ومستخدمي القوائم المالية وغير المالية وعلى رأسهم المستثمرين، لذلك ينبغي على الشركات أثناء إعداد قوائمها أن تضع في اعتبارها النغمة الأخلاقية التي تعكسها هذه القوائم (خاصة القوائم غير المالية)، وأن يتم صياغة العبارات والجمل بشكل يعطى انطباع إيجابي عن البيئة الأخلاقية للشركة، حيث لم يعد الأمر مقتصرا على الأرقام أو المعلومات غير المالية المفصح عنها والظاهرة للجميع فقط، بل يمتد لما هو ما وراء هذه الأرقام والمعلومات وما تخفيه، وهو ما تغفل عنه الشركات، حيث يمتلك بعض من الأطراف ذوى المصالح وخاصة المستثمرين القدرة على تحليل المعلومات والأرقام وربط الأحداث ببعضها ومن ثم يتم استنتاج أمر ما ليس في صالح الشركة ويحمل في طياته انطباعا أخلاقيا سيئا دون أن تشعر الشركة نفسها.

ومن واقع ممارستي العلمية في مجال المحاسبة أقترح أن يكون هناك توافق في المضمون والمعنى بين كلا من المعلومات المالية وبين المعلومات غير المالية وليس ذلك فحسب، بل يجب أيضا أن يكون هناك تطابق بين جميع المعلومات أيا كان نوعها وبين الأنشطة الخارجية التي تمارسها المنشأة بما فيها الصفقات الخارجية بما لا يدع مجالا للشك من قبل الآخرين والذي قد يؤثر على سمعة الشركة ونزاهتها، فعلى سبيل المثال ... قد توحى بعض المعلومات غير المالية بمعنى معين وقد يكون هذا المعنى منسجم مع المعلومات المالية، ولكن قد يكون غير متوافقا مع طبيعة الأطراف التي تتعامل معها المنشأة مما يكون له وقعا في غير صالح المنشأة ويتكون انطباع معين لدى المستثمر بوجود فساد في الشركة ويستمر معه هذا الانطباع المأخوذ عنها حتى لو تغيرت أحوال المنشأة إلى الأفضل وسعت إلى تحسين أدائها ، وبالمثل هناك الكثير من الأمثلة المشابهة التي لا يسع المجال لسردها.

وأرى أن يتم توجيه بعض من الأبحاث المحاسبية حول هذا الشأن لأهميته الكبيرة وأن يتم تقديم المقترحات لكيفية تحليل المحتوى الخاص بالقوائم بهدف معرفة النغمة الأخلاقية التي تكمن وراء المعلومات.

الدكتورة/ نسرين محمد فتحي يوسف تعمل مدرس بقسم المحاسبة بكلية التجارة الإسماعيلية جامعة قناة السويس.