من المعروف أنه توجد في كل دولة العديد من المؤسسات الرسمية والتي يكون لها دور رقابي وتنظيمي على الشركات بغرض التأكد من مدى التزام هذه الشركات بالقوانين والمعايير الصادرة من الجهات المهنية والجهات الأخرى ذات الصلة (على سبيل المثال لا الحصر ... الرقابة على الشركات لمعرفة مدى التزامها بمعايير المحاسبة الدولية وكذلك التزامها بتطبيق مبادئ وآليات الحوكمة).
ولكن يحدث في كثير من الأحيان أن يغيب دور هذه المؤسسات في القيام بدورها، وبالتالي تكون هناك فجوة كبيرة بين (المهام المفترض تأديتها) و(المهام المؤداة بالفعل)، ويعنى ذلك أن ما تم القيام به من المهام الفعلية يعد ضئيلا للغاية مقارنة بالمهام المفترض تأديتها وهو ما يطلق عليه بـ "الفراغ المؤسسي".
وبالطبع وبلا شك فإن ذلك يعد من القضايا الخطيرة وخاصة في الدول ذات الاقتصاديات الناشئة، حيث يفتح المجال من قبل الشركات للتلاعب نظرا لغياب دور هذه المؤسسات، وتتمثل بعض أشكال التلاعب في عدم الالتزام بالحوكمة، عدم الالتزام بالمسئولية الاجتماعية، التحيز في تفسير بعض فقرات المعايير المحاسبية الدولية، عدم الالتزام ببعض القوانين الأخرى الخاصة بالمستثمرين، إلى غير ذلك من الأمثلة المتعددة.
وعلى الرغم من الأهمية البالغة لمشكلة الفراغ المؤسسي وما يترتب عليه من المخاطر ، إلا أنها لم يتم الاهتمام بها من الناحية المحاسبية، وعليه فإني أرى أن العبء الأكبر سيقع على المراجع الخارجي، حيث يجب عليه في البداية وقبل الموافقة على طلب العميل (أي الشركة محل المراجعة) أن يضع في اعتباراته درجة الفراغ المؤسسي السائدة في البيئة التي يعمل بها وانعكاسها على الشركة وبناءا عليه يقوم بعملية التخطيط للمراجعة والتقييم الدقيق للمخاطر الخاصة بالشركة.
إضافة لذلك يجب عليه أن يكون على قدر من المعرفة بسلوك المديرين في حالة غياب الرادع والجزاءات والمساءلة من قبل هذه المؤسسات وأن يضعها في حسبانه أثناء القيام بعملية المراجعة.
إلى جانب ذلك أرى أنه يجب على الدولة الاهتمام بهذا الأمر وعدم الاستهانة به ويجب التشديد على تأدية المؤسسات الرسمية لدورها على الوجه الأكمل والعمل على تقليل درجة الفراغ المؤسسي، حيث أنه بجانب ما سبق ذكره فإن ذلك يؤدى أيضا إلى ضعف ثقة المستثمرين في القوائم المالية المعروضة وزيادة درجة عدم التماثل المعلوماتي وانخفاض الشفافية.
الدكتورة/ نسرين محمد فتحي يوسف مدرس بقسم المحاسبة بكلية التجارة الإسماعيلية جامعة قناة السويس