د. محمد أبو أحمد

ميلاد جديد للروح المصرية على أعتاب الأهرامات

السبت 01 نوفمبر 2025 -01:46
تترقب انظار المهتمين بالاثار الفرعونية، الحفل الذي ستقيمه مصر اليوم السبت الموافق الأول من نوفمبر، بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير.

في ذلك الوقت لن تفتتح مصر مجرد مبنى ضخم جديد، بل تُشعل من جديد شعلة الذاكرة الجماعية التي توهجت لآلاف السنين على ضفاف النيل.

إنه ليس مجرد متحف، إنه "المتحف المصري الكبير" ، صرحٌ معماريٌ مهيب، يقف على أعتاب الأهرامات الشامخة كشاهد على عظمة لم ولن تُمحى.

إنه وعدٌ وُفي به، وحلمٌ انتظرناه طويلاً، ليكون بمثابة العودة الأبهى إلى الذات المصرية الأصيلة.

على مدى عقود، كانت كنوز حضارتنا تتألم في صمت، تزدحم في فضاءات لم تعد تتسع لسرد مجدها الكامل.

كانت تُحكى قصصها متفرقة، تائهة بين الجدران والأركان. لكن في أول نوفمبر، ستجتمع هذه الروح المبعثرة تحت سقف واحد، لتُقدَّم للعالم في أبهى حلة، وكأنها سيمفونية تاريخية تُعزف لأول مرة.

تخيلوا اللحظة التي تخطو فيها الأقدام إلى الردهة الشاسعة، حيث يستقبلكم تمثال رمسيس الثاني بعظمته، كحارس أبدي لهذه الكنوز.

هذا التمثال الذي ارتحل عبر القاهرة، سيستقر أخيراً في مكانه اللائق، ليكون أول همسة من ماضٍ عريق، ثم تأتي قاعة توت عنخ آمون، تلك القاعة التي طالما حلمنا بأن نرى كنوزها مجتمعة كاملة، للمرة الأولى منذ اكتشافها.

هي ليست مجرد قطع ذهبية، بل نداء ملك شاب، يحكي قصة فناء وخلود، إبداع وفن.

كل قطعة هناك تحوي أنفاس التاريخ، وهمسات صانعيها، وعظمة حضارة آمنت بأن الفن هو امتداد للحياة.

إن هذا الافتتاح هو احتفال بالهوية، و رسالة من المصريين إلى أنفسهم قبل العالم: "نحن هنا، وأجدادنا باقون فينا".

هي لحظة فخر تلامس شغاف القلب، حيث يشعر كل مصري بأن هذا المجد جزءٌ منه، وبأن هذا الصرح هو ملكٌ له، ومسؤولية على عاتقه. المتحف المصري الكبير ليس وجهة سياحية وحسب، بل هو مدرسة عظيمة مفتوحة، ومركز للترميم يحفظ أسرار الأجداد، وبوابة للمستقبل.

حيث يجمع بين الأصالة والتكنولوجيا، ليروي التاريخ بلغة العصر. يا لها من لحظة، لن تنسى في ذاكرة الأمة، سيقف خلالها المتحف المصري الكبير شامخاً، شاهداً على إرادة شعب لم ييأس من بناء المستقبل على أساس الماضي.

إنه ليس نهاية مشروع، بل بداية لرحلة جديدة من الاكتشاف والتعلم والافتتان.

فلنقف جميعاً بقلوبٍ ممتلئة بالفخر والترقب، لنشهد هذا الحدث الاستثنائي، لنتأمل كيف ينهض تاريخنا من جديد، وكيف تشرق شمس الحضارة المصرية على العالم من جديد، على أعتاب الأهرامات، وفي قلب "المتحف المصري الكبير".

هذا يومٌ ليس كمثله يوم، تحيا مصر... وتحيا كنوزها الخالدة.