د. محمد أبو أحمد

ثورة تصحيح للقطاع الصناعي

الإثنين 19 أغسطس 2024 -03:56
يحتل القطاع الصناعي المركز الثاني في المساهمة بالناتج المحلي الإجمالي بنحو17%  مقارنة بمتوسط المساهمة العالمي الذي يبلغ نحو 29%.

وتحتل مصر المرتبة الثالثة بعد السعودية والإمارات في نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي للدولة .

وبالنظر بتمعن في تلك الأرقام يمكن أن نستنتج أن القطاع الصناعي المصري بحاجة إلى تغيرات جذرية يمكن أن نسميها مجازًا "الثورة الصناعية"، حيث إنه يستحيل الرضى بالوضع الحالي إذا تمت المقارنة بين تاريخ نشأة الصناعة المصرية تاريخيًّا، وبين الوضع الحالي الذي تمر به .

حيث إن الصناعة في مصر نشأت منذ الحضارة المصرية القديمة وعرف القدماء المصريون استخراج المعادن كالنحاس والفضة والذهب، ونجحوا في صهرها وتصنيعها، وعرفوا صناعة الآلات والأدوات الزراعية والمعدات الحربية وصناعة الخزف وصناعة بناء السفن وصناعة المنسوجات الكتانية وصناعة عّصر الزيوت، وبرعوا في صناعة الحلي المرصعة بالأحجار الكريمة، وتشهد الآثار المعروضة بالمتاحف التاريخية على دقة الصناع المصريين القدماء وجمال مشغولاتهم.

وفى العصر الحديث شهدت مصر نهضة صناعية في القرن الـ 19 على يد "محمد على" الذي شهد عصره إرساء قاعدة صناعية كبرى، شملت صناعة المنسوجات وصناعة السكر وعّصر الزيوت ومضارب الأرز وازدهرت الصناعات الحربية وتم إقامة ترسانة لصناعات السفن ومصانع لتحضير المواد الكيماوية. 

وقاد بنك مصر الذي تم تأسيسه عام 1920 برؤوس أموال مصرية حملة للنهوض بالصناعة المصرية، ونجح البنك في تأسيس قاعدة صناعية شملت سلسلة من الشركات والمصانع الكبرى نجحت في إقامة صناعة مصرية متطورة، ورفع المصريون شعار "المصري للمصري" ونجح هذا الشعار في حماية المصنوعات المصرية.

وبالعودة إلى الوضع الحالي لقطاع الصناعة، الذي يجب أن يكون هو عصب التنمية الاقتصادية، باعتباره من أكثر القطاعات تحقيقًا لمعدلات نمو مرتفعة، بالإضافة إلى دوره فى دعم الناتج القومي، نجد أن مساهمة القطاع في الوقت الحالي لا تتجاوز الـ 17% من الناتج المحلي الإجمالي ويستوعب القطاع نحو 2.5 مليون عامل فى حوالى 38 ألف منشأة صناعية.

هذه الأرقام وعلى الرغم من ضخامتها إلا أنها لا تتناسب مع القدرات المصرية والمقومات المتاحة لها، مثل الموقع الجغرافي الرائع والمناخ المناسب وتوافر الكثير من المواد الخام  والعمالة الوفيرة رخيصة الثمن مقارنة بالدول الأخرى .

وفي ظل تلك المقومات وفي إطار الخطة الحكومية المعلنة، فإننا ننتظر خلال الفترة المقبلة طفرة غير مسبوقة في هذا القطاع مدفوعة بالقرارات الأخيرة، من اختيار الفريق كامل الوزير لتطوير الصناعة المصرية، وبدعم من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وفي ظل توافر كل هذا الدعم أصبح مرفوضًا استمرار العوائق والشكاوي من قبل المستثمرين، وحسنًا فعل رئيس الوزراء بإصدار قرار منع إغلاق أي منشأة صناعية إلا بقرار منه شخصيًّا، كما أنه لن يتم التفتيش على المصانع بصورة منفردة، أو من خلال أشخاص، أو من خلال مفتشين من الجهات المعنية، مع مراعاة الالتزام بأن يتم المرور من خلال اللجنة المشكلة بوزارة الصناعة برئاسة رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية وعضوية عدد من الوزارات والجهات المعنية.