د. محمد أبو أحمد آفاق التعاون مع صندوق النقد والخروج من المأزق.. الأربعاء 20 نوفمبر 2024 -09:50 : مشاركة المقال مرت نحو ثماني سنوات على اتفاق الحكومة المصرية مع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي الذي تم في سنة 2016، حيث عقد اتفاق ممدد يسمح لها بالحصول على 12 مليار دولار في إطار تنفيذ خطة اتفق عليها الطرفان لتنفيذ ما سمته الحكومة المصرية: "برنامج الإصلاح الاقتصادي". وفي يوليو 2019 أعلن الصندوق إتمام مجلسه المراجعة الخامسة والأخيرة للبرنامج والاتفاق على صرف الشريحة الأخيرة من القرض المتفق عليه في 2016، والذي نفذت مصر بموجبه إصلاحات اقتصادية، منها: خفض قيمة الجنيه بشكل حاد، وتقليص كبير لدعم الطاقة، إلى جانب فرض ضرائب جديدة. وبالرغم من انتهاء تنفيذ البرنامج إلا أن الأوضاع الاقتصادية لم تشهد التحسن الذي انتظره المجتمع وكان المبرر وقتها ظهور جائحة كورونا وبعدها الحرب الروسية الأوكرانية . وفي ديسمبر 2022: أعلن الصندوق موافقة مجلسه التنفيذي على حزمة دعم مالي مدتها 46 شهرًا بـ 3 مليارات دولار لمصر، والتي تصاحبها إجراءات، منها: تبني نظام مرن لسعر الصرف وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة. مارس 2024: توصلت مصر إلى اتفاق مع الصندوق لزيادة حجم القرض إلى ثمانية مليارات دولار، وهو ما صحبته أحدث جولة من تعويم سعر صرف العملة المحلية لتصل إلى المستوى الذي لم تبعد عنده كثيرًا حتى الوقت الحالي. الوضع الحالي:- الآن وبعد مرور كل تلك الفترة، وبالرغم من الإشادات الدولية بما يشهده الاقتصاد المصري من تطور، مازال المواطن لا يشعر بأي تأثير إيجابي عليه، ولسان حاله يقول إن الدولار بعد أن كان بـ 8.8 جنيه أصبح بـ 50 جنيهًا، والديون الخارجية التي كانت قرب الـ 50 مليار دولار أصبحت تناهز الـ 160 مليار دولار، أما معدلات التضخم والزيادة في الأسعار فحدث ولا حرج، حيث تضاعفت الأسعار للكثير من السلع أكثر من مرة، وباتت الأوضاع الاقتصادية صعبة لدى فئة كبيرة من الأسر المصرية، ما ترتب على ذلك من أحداث اجتماعية متفاوتة وحالة من التفكك الأسري وارتفاع معدلات الطلاق والجرائم التي لم نكن نسمع عنها من قبل . ما هو المطلوب؟ سألت أكثر من خبير اقتصادي ممن، كانوا يشيدون ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المطبق بالتعاون مع صندوق النقد، إلا أن بعضهم رفض الحديث عن الأوضاع والمآلات التي وصل إليها الوضع أو تقديم حلول جديدة للإصلاح الاقتصادي، حتى أن بعضهم كان أكثر تشاؤمًا وقال إن الوضع بات صعبًا للغاية ومهما كانت عبقرية الحلول فإن تطبيقها أصبح مستحيلًا. ولكن وبالرغم من كل شيء يبقى الأمل في أن تدرك الحكومة المصرية وخاصة المجموعة الاقتصادية، أن الوضع الحالي لا يمكن التعامل معه بنفس الأفكار السابقة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن .. وأن تعمل على تفعيل آليات الحوار الوطني في المجال الاجتماعي والاقتصادي للوصول إلى خارطة طريق جديدة لإصلاح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع التأكيد على أن التراجع في الوقت الحالي عن استكمال برنامج صندوق النقد سيكون بمثابة الانتكاسة الصحية لجثمان الاقتصاد المصري، وعليه فيجب أن يتم العمل على مد فترة التنفيذ لزيادة فترات الرفع المطلوب لأسعار المحروقات والكهرباء والخدمات العامة، كما يجب إعادة التفكير من جديد بشأن التحول للدعم النقدي في ظل وجود مخاطر من فقدان الكثير من الأسر لهذا الدعم الذي يؤمن لهم شيئًا من الغذاء، حيث إن التحول للدعم النقدي قد يؤدي إلي مشكلات أسرية عبر استخدام تلك الأموال لشراء أشياء أخرى غير الغذاء، وهو ما سيؤدي إلى مشكلات اجتماعية أكثر خطورة قد تفتك بالأسر المصرية..