تسعى كل دول العالم من خلال بنوكها المركزية لتنظيم عمل السياسة النقدية بهدف ضبط كباح التضخم وتقليل حجم المعروض النقدى المتداول فى أيدى الأفراد ، وهى إذ تفعل ذلك تكون عينها على الاستثمار بشقيه المباشر وغير المباشر وبالتالى تكون السياسة هنا بمثابة عملية جراحية دقيقة تدرس فيها جميع الجوانب وفى مصر نقص حجم الاستثمار من عام 2018 وحتى الآن بالرغم من عقد مؤتمرات كبيرة للاستثمار وغياب وزير الاستثمار عن الساحة وجاء رفع الفائدة لزيادة أعباء الاستثمار وتحويل الأموال إلى البنوك ويكأن البنوك وحدها هى التى تستطيع توظيف الأموال فى مشروعات بعينها ولعل أغلبها كما يعلم الجميع بيتم استثمارها فى السندات وأذونات الخزانة وبالتالى تتاجر الحكومة بأموال الناس لكى تستفيد البنوك ويتحمل المواطن أعباء إضافية فى خدمة الدين ويظل التزاوج الغير شرعى بين البنوك والحكومة ليفرز لنا أعباء اقتصادية على المستثمر المحلى المقترض من البنوك وعلى الأفراد فى تحمل أعباء خدمة الدين وزيادة عجز الموازنة العامة بالدولة ، وكان الأحرى بالبنك المركزى أن يتخذ سياسات توسعية وليست انكماشية لدفع الاقتصاد فى النمو وتوسيع قاعدة الاستثمار وزيادة عدد المستثمرين ولكنه رفع الفائدة كأسلوب كلاسيكى يخلو من المهنية والاحترافية ودراسة أبعاد الأزمة وتبعاتها على كل أفرع وأنشطة الاقتصاد القومى، وكان الأفضل للحكومة بدل الاقتراض دخول البنوك كشركاء فى مشروعاتها القومية ويوزع العائد بين الحكومة وبين البنوك بدلاً من سياسة الدائن والمدين ، خاصة فى المشروعات التى تحقق الأمن الغذائى المصرى ، والمشروعات الصناعية بمختلف أنشطتها ، والمشروعات التكنولوجية الحديثة ، والمشروعات الخاصة بالموارد البشرية وصيانتها من تعليم وصحة وغيرها بالتالى تكون الأهدف موحدة ولاتتعارض ولا تختلف حول الرؤية والتوجه الواحد وهى المصلحة العليا للوطن . وعلى صعيد السياسات المالية المتبعة فى مصر وهى سياسات انكماشية من الدرجة الأولى خاصة تلك الخاصة بالبورصة والتى ساهمت فى هروب الاستثمارات الأجنبية خارج مصر ، وضعف الحصيلة الضريبية فبدلاً من أن تحصل الدولة على 70 مليون جنية شهرياً ضرائب دمغة تم فرض ضريبة أرباح رأسمالية بنسبة عشرة بالمية مما ترتب عليه حدوث خسارة كبيرة لجميع الأفراد المتداولين بالبورصة ومن ثم عدم تحصيل ضريبة دمغة ، وعدم تحصيل ضريبة أرباح رأسمالية لتحقيق خسائر كبيرة بمحافظ الأفراد، وهروب الاستثمارات المحلية والأجنبية من البورصة وتخفيض القيمة السوقية لكل الأسهم وضياع سمعة البورصة المصرية بأنها من أسوأ بورصات العالم ، فهل يعقل أن تكزن السياسة المالية مدمرة وقاتلة للاستثمار بهذا الشكل ولمصلحة من تخفيض قيمة الشركات المصرية لتكون بقروش معدودة ويأتى مستثمر أجنبى أو عربى ليحصل على الأصول المصرية بهذه القروش، بالتالى نحن بحاجة إلى إعادة تغيير الفكر وتغيير الأشخاص وضح أفكار ودماء جديدة تفكر خارج الصندوق توازن بين السياسات تدرس آثار القرارات قبل اتخاذها مع مشاركة المستثمرين المحلييبن فى جميع القرارات الاقتصادية باعتبارهم عصب الحياة وعصب الاقتصاد ومشاركة أهل الفكر الاقتصادى الرشيد المعتدل برؤى محلية ووطنية ونكف عن فعل السياسات التى تأتى من أعلى لأسفل مع وجوب التنفيذ ، فالوطن ملك للشعب بمفكريه وكافة عناصره وليس ملكاً لحكومة بعينها فالحكومات ترحل ويبقى آثارها على الشعب فإما أن تخلد ذكراها فى نفوس الشعب بالحسنى أو تكون ذكرى مخيبة للآمال ومحطمة للطموحات والتاريخ قادر على فعل ذلك ، لذا يرجى التوافق بين السياسات الاقتصادية والاستثمار برؤى محلية واعدة واستثمارية عادلة، وبسمو الهدف الأعلى وهو مصلحة الوطن بدلاً من السياسات الكلاسيكية القاتلة . د/ رمضان معروف خبير الاستثمار وأسواق المال