أحمد محمد عبدالوهاب

معاناة أولياء الأمور في مصر مع تطورات التعليم الحديثة: التحديات والحلول

الأحد 02 فبراير 2025 -12:09
شهد التعليم في مصر تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث تبنت الدولة سياسات تعليمية جديدة تهدف إلى تحسين جودة العملية التعليمية ومواكبة المعايير العالمية.

ومع ذلك، فإن هذه التغييرات المتسارعة فرضت أعباء إضافية على أولياء الأمور، الذين أصبحوا مطالبين بالتكيف مع أساليب جديدة في التعليم والتقييم، مما أدى إلى زيادة القلق والتوتر بينهم.

واليوم سنناقش بالتفصيل أبرز التحديات التي يواجهها أولياء الأمور في مصر، مدعومة بأحدث الدراسات، ونقترح حلولًا يمكن أن تخفف من معاناتهم.

أولا: أبرز التحديات التي تواجه أولياء الأمور

1. التكنولوجيا والتعليم الرقمي أحد أكبر التحولات التي شهدها التعليم المصري هو الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في العملية التعليمية، مثل استخدام المنصات الإلكترونية، والتابلت، ونظام التعليم الهجين، ورغم أن هذه الأدوات تهدف إلى تحسين التعلم، إلا أنها أصبحت عبئًا على أولياء الأمور، حيث يجدون صعوبة في مواكبة التطورات التكنولوجية ومساعدة أبنائهم في استخدامها بشكل صحيح.

ومن أبرز المشكلات المرتبطة بالتكنولوجيا:

 ١- نقص المعرفة التقنية لدى بعض أولياء الأمور، خاصة من الأجيال الأكبر سنًا،  مشكلات فنية مثل ضعف الإنترنت أو عدم توفر الأجهزة الإلكترونية لدى جميع الطلاب، القلق من تأثير الشاشات الرقمية على تركيز الأطفال وصحتهم النفسية والبصرية، ووفقًا لدراسة أجرتها هيئة جودة التعليم والاعتماد المصرية، أظهرت النتائج أن 72% من أولياء الأمور يجدون صعوبة في استخدام التكنولوجيا التعليمية، مما يزيد من الفجوة بين المدرسة والمنزل.

٢. التغيرات المستمرة في المناهج وطرق التقييم.
شهدت المناهج التعليمية المصرية تعديلات متكررة، حيث تم إدخال أساليب تقييم جديدة مثل نظام البابل شيت، والتقييمات الأسبوعية، والمهام الأدائية، ورغم أن هذه الأساليب تهدف إلى قياس الفهم بدلاً من الحفظ، إلا أن كثيرًا من أولياء الأمور يعانون من فهم هذه التغييرات ودعم أبنائهم فيها.

ومن أبرز التحديات التى يواجهها نظام التعليم المصري:

- عدم ثبات السياسات التعليمية، كل وزير تعليم يأتي برؤية جديدة، مما يخلق حالة من التخبط.

- عدم وضوح معايير التقييم، فيصعب على أولياء الأمور تحديد كيفية مساعدة أبنائهم في تحقيق درجات جيدة.

- زيادة الأعباء الدراسية ومنها كثرة الواجبات والتقييمات أصبحت تمثل ضغطًا إضافيًا على الأسرة.

وهناك إحصائية وفقًا لدراسة من المركز القومي للبحوث التربوية، تشير إلى ان  65% من أولياء الأمور يرون أن التعديلات المتكررة في المناهج تسبب توترًا وضغطًا نفسيًا على الأسرة.

3. ارتفاع تكاليف التعليم والدروس الخصوصية، وبالرغم من الجهود المبذولة للحد من الدروس الخصوصية، لا تزال الأسر المصرية تعتمد عليها بشكل كبير لتعويض الفجوات في التعليم المدرسي، ويشكل هذا الأمر ضغطًا ماليًا هائلًا، خاصة مع ارتفاع تكاليف الدروس بشكل كبير.

_ ومع ذلك يلجأ أولياء الأمور للدروس الخصوصية لعدة أسباب منها:

- نقص جودة التدريس في بعض المدارس الحكومية بسبب الكثافة الطلابية وقلة الموارد.

- عدم قدرة بعض الطلاب على التأقلم مع طرق التدريس الحديثة، مما يجعلهم بحاجة إلى دعم إضافي.

- ضغط الامتحانات التراكمية، خاصة في المرحلة الثانوية، مما يدفع الأسر للبحث عن طرق لضمان درجات أبنائهم، وذلك وفقا لإحصائية تشير  إلى أن نسبة إنفاق الأسر المصرية على الدروس الخصوصية بلغت أكثر من 47% من إجمالي دخلها السنوي، مما يجعلها واحدة من أكبر الأعباء الاقتصادية على الأسرة.

4. الضغط النفسي على الطلاب وأولياء الأمور مع زيادة المنافسة في التعليم وتطبيق نظم تقييم جديدة، يعاني الكثير من الطلاب من ضغوط نفسية كبيرة، مما ينعكس سلبًا على أولياء الأمور الذين يجدون أنفسهم مضطرين لمتابعة كل تفاصيل الدراسة مع أبنائهم، ومن أبرز المشكلات النفسية:- التوتر والقلق الزائد لدى الطلاب بسبب الامتحانات والتقييمات المتكررة.

- الشعور بالعجز لدى أولياء الأمور الذين لا يستطيعون مواكبة التغييرات.

- التأثير السلبي على العلاقات الأسرية بسبب الضغوط الدراسية، حيث اشارت إحصائية حديثة من كلية التربية بجامعة عين شمس أن 85% من أولياء الأمور يعانون من توتر مستمر بسبب الضغوط الدراسية المفروضة على أبنائهم.

ثانيًا: توصيات وحلول للتخفيف من معاناة أولياء الأمور

1. تقديم دورات تدريبية لأولياء الأمور،  يجب على وزارة التربية والتعليم توفير برامج تدريبية لتعريف أولياء الأمور بأحدث نظم التعليم والتقييم، حتى يتمكنوا من دعم أبنائهم بشكل فعال.

2. تحسين التواصل بين المدارس وأولياء الأمور
عن طريق إنشاء منصات تفاعليةلتقديم شروحات مباشرة حول المناهج الجديدة، عقد لقاءات دورية مع المعلمين لشرح التغيرات في أساليب التدريس والتقييم.

3. الحد من الدروس الخصوصية من خلال تحسين جودة التدريس، من خلال تقليل الكثافة الطلابية داخل الفصول لتمكين المعلمين من التركيز على جميع الطلاب،  تقديم حصص تقوية مجانية داخل المدارس لمساعدة الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي.

4. إعادة تقييم المناهج والسياسات التعليمية

 وضع خطة طويلة المدى للمناهج بدلاً من التعديلات العشوائية ، والتركيز على الاستقرار التعليمي لتقليل الضغط على الطلاب وأولياء الأمور.

5. تقديم دعم نفسي واجتماعي لأولياء الأمور والطلاب.

 توفير خدمات إرشاد نفسي داخل المدارس لمساعدة الطلاب على التعامل مع الضغوط الدراسية،  تنظيم ورش عمل لأولياء الأمور لتقديم استراتيجيات التعامل مع الضغوط الدراسية لأبنائهم.

ختامًا رغم أن تطوير التعليم في مصر أمر ضروري، إلا أنه يجب مراعاة تأثير هذه التغييرات على أولياء الأمور، الذين يمثلون عنصرًا أساسيًا في العملية التعليمية.

لا بد من وضع خطط متكاملة تضمن تخفيف الأعباء عن الأسر، سواء من خلال تحسين التواصل، أو تقديم دعم فني ونفسي، أو ضمان استقرار السياسات التعليمية.

فمن خلال هذه الحلول، يمكن تحقيق تطوير تعليمي فعّال دون أن يكون على حساب راحة واستقرار الأسر المصرية.