قصة قرارات مثيرة أسهمت في الصعود غير المبرر للسهم
بدأت شركة "سيتى لاب للتحاليل الطبية" رحلة طرح أسهمها فى سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة «بورصة النيل» في يناير 2024، وبعد أن استوفت الإجراءات تم بدء تداول السهم في البورصة المصرية، بسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة، يوم الخميس 29 فبراير و لم يُحقق السهم الأداء المتوقع منه حيث ظل يتداول تحت قيمته العادلة التي طرح عندها وهي 17 قرش وقرب قيمته الأسمية وهي 10 قروش فيما وصف حينها بأنه فشل لطرح السهم بالبورصة أرجعه البعض إلى قرار رئيس البورصة بسريان الحدود السعرية على أسهم جميع الشركات بما فيها تلك الأسهم التي يتم قيدها حديثًا، وهو ما دفع المُساهمين الرئيسين بالشركة ممن كانوا يرغبون بالتخارج وبيع جزء من أسهمهم بالشركة لعدم البيع.
ومع مزيد من الاتصالات بين الشركة والبورصة وتحت الضغوط وخوفًا من فشل طرح أسهم الشركة فوجيء المتعاملون بالبورصة بقرار غريب صدر في يوم 7 مارس، حيث أعلنت إدارة البورصة المصرية، أنه تقرر تحريك الحدود السعرية على أسهم شركة سيتي للتحاليل الطبية بحيث يكون الحد الأدنى لتسجيل أوامر البيع والشراء هو السعر المرجعي الحالي البالغ 17 قرش للسهم والحد الأقصى هو سعر 82 قرش للسهم (السعر الوارد بأوامر البيع والشراء المُقدمة إلى البورصة من احدى الشركات الأعضاء نيابة عن عملائها).
وتابعت البورصة في بيانها أنه "مع عدم إعمال آليات الإيقاف المؤقت وذلك اعتبارًا من جلسة تداول يوم الثلاثاء الموافق 12/3/2024 وحتى نهاية جلسة التداول التي يتم فيها تسجيل سعر إقفال جديد وبحد أقصى خمسة جلسات تداول".
وقالت، إنه في حالة عدم التنفيذ بالسوق خلال خمسة أيام عمل اعتبارًا من تاريخ بدء تحريك الحدود السعرية يتم الإعتداد بآخر سعر مرجعى.
بعد هذا القرار المثير والغريب بدأت رحلة الصعود الصاروخى للسهم حيث ارتفع من 17 قرش للسهم ليصل قرب الـ 2 جنيه في أقل من شهر ليتضاعف بذلك السعر السوقي للسهم بأكثر من 11 مرة تقريبًا، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول الدور الرقابي لكل من البورصة وهيئة الرقابة المالية.
فكيف يتم السماح لشركة قيمتها العادلة لا تتجاوز الـ 17 قرش للسهم وفقًا للإفصاح الخاص بنشرة الاكتتاب بأن يرتفع سهمها خلال شهر بأكثر من 11 ضعف؟! لتصبح قيمة الشركة السوقية نحو 1.270 مليار جنيه فيما لم تكن قيمتها تتجاوز حد الـ 64 مليون جنيه منذ أيام!!، فهل وجدت الشركة كنز مدفون.. أم وجدت مناجم ذهب في معاملها المحدودة؟!.
وتزامن ذلك مع إيقاف التداول على أسهم شركات مُقيدة بالبورصة لأن أسهمها ارتفعت بنسبة لا تزيد عن 50% على الرغم من أن تلك الأسهم مازالت تتداول تحت قيمتها الأسمية.
والمُبرر الذي قد يقوله البعض حول الارتفاع الصاروخي، هو الصفقة الجديدة التي تم توقيعها مع مجموعة من المُستثمرين للاستحواذ على حصة من أسهم الشركة.
تلك الصفقة المُريبة بطلها أحد الأشخاص الذي سبق وأن وقعت هيئة الرقابة المالية عليه عقوبات وحولته للنيابة بتهمة التلاعب بأسهم شركة سبيد ميديكال التي تخارج منها بعد أن باع أسهمه بواسطة مجموعة من المُتلاعبين بالسوق وحقق مكاسب كبيرة منها وصلت إلى مئات الملايين ثم هرب أو سافر للخارج وترك الشركة؛ ليفاجيء المُساهمين بها أن الخطط المُستقبلية والأحلام الوهمية التي كان يتم التسويق لها ما هي إلا أضغاث أحلام لا تمت للواقع بصلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وبقوة، هل يمكن أن تترك الجهات الرقابية مصير سوق المال المصرية بين أيادي مجموعة من المُتلاعبين، أم سيكون هناك إجراءات وتحقيقات تكشف للرأي العام ومجتمع سوق المال عن الأسباب الحقيقية لما حدث؟!.
وهل سيتم السماح لباقي الأسهم المتداولة بسوق المال المصرية للصعود بنفس نسبة صعود أسهم سيتي لاب، أم أنها ستواجه التحقيقات وحملة إيقاف الأسهم للحد من صعودها؟.
كل تلك التساؤلات وغيرها تطرح نفسها وبقوة، وللحديث بقية ..