عزم الذهب على الاحتفاظ بمكاسبه يبرز تفاقم عدم اليقين تجاه مختلف العوامل

الخميس 28 نوفمبر 2024 -03:57

ارشيفية

خاص البوصـلة
قال سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com، إنَّ الذهب يستمر في الانتعاش لليوم الثالث على التوالي ولا يزال محتفظًا بمستوى 2640 دولارًا للأونصة وذلك في سعيه لتقليص خسائره القاسية التي تعرض لها يوم الإثنين.

وأضاف في بيان تلقت "البوصلة نيوز" نسخة منه أن مكاسب الذهب تأتي على الرغم من العناد الذي أظهره التضخم في الولايات المتحدة على مقياس المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد أبقى على الأمل ضعيفًا حول آفاق خفض أسعار الفائدة في العام المقبل.

فيما يبدو أن عدم اليقين تجاه العوامل الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم يحفظ للمعدن الأصفر قدرته على استعادة مكاسبه يضاف إلى ذلك التصحيح المستمر لعوائد سندات الخزانة.

بعد أن تسارع نمو مؤشر أسعار الأنفاق الشخصي الاستهلاكي الأساسي (core PCE) في أكتوبر إلى 2.8% على أساس سنوي من 2.7% وتسارع أعلى من المتوقع لنمو الدخل الشخصي إلى 0.6% على أساس شهري استمر الذهب في التقدم الأمس واليوم.

قد يكون هذا على ضوء انخفاض عوائد سندات الخزانة سواء قصيرة أم طويلة الأجل ذلك أن بيانات الأمس لم تغيير على نحو جوهري من توقعات الأسواق حول الخطوات المقبلة للاحتياطي الفيدرالي في اجتماعيه التاليين، مما قد أعطى بعض المساحة للذهب للتعافي.

ذلك أن الأسواق لا تزال ترجح خفضًا للمعدلات بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر المقبل باحتمالية بأكثر من 60%، في حين أن احتمالية تكرر هذا الخفض في يناير لا تزال عند 15% فقط، وفق CME FedWatch Tool.

معدلات الفائدة الأعلى من المتوقع لفترة أطول هي من العوامل السلبية بالنسبة للذهب، هذا صحيح وقد تجلى ذلك بالفعل مجددًا مع فوز دونالد ترامب برئاسة البيت الأبيض وعودة المخاوف حول ارتفاع التضخم وإبقاء المعدلات مرتفعة مطولًا.

إلا أن المخاوف حول الآثار المحتملة للحروب التجارية والصراعات التي لا يبدو أنها تتجه إلى الهدوء سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط تبقى حاضرة في أذهان المستثمرين.

في الشرق الأوسط، فقد ساد بعض من التفاؤل مع التوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار في لبنان ما بين حزب الله وإسرائيل.

حتى قبيل إعلان هذه التهدئة فقد تقابلت بشكوك حول استدامتها – والتشكيك بإمكانية التوصل إليها حتى اللحظات الأخيرة من الإعلان – إضافة إلى قدرتها على أن تكون نواة لتسوية أوسع للصراع في الإقليم. 

منذ توافد الأخبار بغزارة سابقًا هذا الأسبوع حول التوصل إلى اتفاق في لبنان، لا تزال هناك حلقات مفقودة في سلسلة هذا المشهد، أهم هذه الحلقات هو موقف تحالف اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي لا يزال رافضًا لوقف الحرب في أي من الجبهات الذي قد يُرد عليه بالانسحاب من الحكومة بما يتعرض مع مصالح نتنياهو.

في حين قال وزير الأمن القومي المتطرف إتمار بن غفير، إن هذا الاتفاق هو خطاً فادح، لكن الائتلاف لم يتفكك.

عليه، فقد يكون هذا الاتفاق هو بمثابة وقف مؤقت للقتال، وقد لن يكون نهاية للحرب هناك وهذا ما يرفضه اليمين المتطرف.

ما يعزز هذه الفرضية هو حديث نتنياهو مع إعلانه للاتفاق حيث قال، إن وقف إطلاق النار سيعمل على تحويل التركيز أكثر باتجاه إيران وغزة – ليس مقدمة لتهدئة أوسع.

كما لا يبدو من المرجح أن يؤدي اتفاق لبنان إلى الدفع باتجاه وقف للقتال في غزة.

هذا على ضوء عدم استعداد أي من حماس أو إسرائيل تقديم تنازلات بشأن النقاط الخلافية العالقة خصوصًا بما يتعلق بالانسحاب من المحاور الجنوبية للقطاع، إضافة إلى مراهنة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إعطائه الحرية المطلقة في الإقليم مع عودة ترامب في 20 من يناير المقابل فضلًا عن رفض اليمين المتطرف لإنهاء الحرب، وفق وول ستريت جورنال.

إلا أن أقصى ما يمكن تحقيقه الآن هو وقف مؤقت للصراع في غزة، وهو ما تتم دراسته الآن على ضوء زخم اتفاق لبنان، وفق نيويورك تايمز.

أما التهدئة في الجبهة الأوكرانية فلا تزال تبدو بعيدة المنال أكثر بكثير مما قد يتخيله ترامب الذي تعهد بإنهاء الحرب في يومه الأول.

حيث قال وزير الخارجية الأوكراني السابق دميترو كوليبا في مقابلة مع بوليتيكو إنه لا أمل لديه بأن يتمكن ترامب من التوسط للتوصل إلى اتفاق للسلام.

حيث يرى كوليبا بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليس مستعدًا للتوصل إلى اتفاق قد يقلص مكاسبه في الأقاليم التي تم ضمها إلى الاتحاد الروسي وفي المقابل يرى أنه من غير المعقول أن يتمكن زيلينسكي من توقيع اتفاق للتنازل عن تلك الاراضي.

أخيرًا، فإن الحروب التجارية التي يتجه العالم لمواجهتها مع عودة ترامب تتسبب في رفع حالة عدم اليقين حول مسار الاقتصاد العالمي وهو ما يشكل داعمًا للذهب. 

حيث قلصت S&P Global من توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني للعامين 2025 و2026 إلى 4.1٪ و3.8٪ على التوالي.

ذلك أن الحرب التجارية الذي سيتجه ترامب إلى تصعيدها مع الصين ستؤدي إلى الضغط على الطلب الخارجي في حين لا تزال تواجه ظروفًا صعبة للطلب الداخلي.

هذا الضرر قد لن يقتصر على الصين فحسب أو الاتحاد الأوروبي والمكسيك وكندا التي ستستهدف بشكل رئيس بهذه الحرب التجارية.

حيث يرى العالم الاقتصادي بول كروغمان في مقال للرأي في نيويورك تايمز بأن هذه الإجراءات الحمائية قد تؤدي إلى "الرأسمالية المحسوبية".

ذلك أن الرئيس يمتلك صلاحيات لإعطاء استثناءات للشركات الأمريكية لتجاوز الرسوم الجمركية المرتفعة.

فيما يعتقد كروغمان بأن ترامب سيواصل إعطاء هذه الاستثناءات على اعتبارات حزبية واستند في ذلك على ضوء نتائج بحث وجد بأن الشركات ذات الصلات مع الحزب الجمهوري هي أكثر قابلية للحصول على هذه الاستثناءات من تلك ذات الميول الديمقراطية.

عليه، يرى كروغمان بأن هذه الممارسة من شأنها أن تنعكس على النمو الاقتصادي على المدى الطويل هذا فضلًا عن تأكيد العالم الاقتصادي البارز في التجارة الدولية على الضرر الذي سيلحق بالمستهلك الأمريكي والذي ينكره ترامب.