تتداول العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 ضمن مسار ضيق في التعاملات الباكرة من صباح اليوم وترتفع بنسبة 0.5% وذلك تاليًّا ليوم شهد تداولات هادئة نسبيًّا أيضًا، كما تشهد العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 والداو جونز مكاسب طفيفة أيضًا بنسبة 0.3% و0.2% على التوالي.
يأتي استعداد سوق الأسهم الأمريكية للتعافي مع الأمل بامتناع دونالد ترامب عن اتخاذ المزيد من الخطوات التصعيدية للحرب التجارية الجوهرية، خصوصًا مع الصين منذ أواخر الأسبوع الفائت، علاوة على تقديم إعفاءات واسعة للتعريفات لشركات التكنولوجيا، مما أعطى بعضًا من الراحة للأسواق، حسبما كتب سامر حسن محلل الأسواق العالمية.
هناك الكثير من العوامل المحتملة التي قد تدفع ترامب للتراجع، كالضغط الذي يشكله الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات ـ ومنها من أسهم في تمويل حملته الانتخابية ـ أو إدراكه بمدى خطورة خططه التجارية، حيث تعكس إعفاءات ترامب الأخيرة الطبيعة الفوضوية لسياسته التجارية والتي لا يبدو أنها تستند إلى الواقع وستؤدي في النهاية إلى تضرر المستهلك المحلي، وفق وول ستريت جورنال.
تسببت هذه الفوضى في اتخاذ القرارات المثيرة للجدل حول فعاليتها وواقعيتها إضافة إلى التخبط المستمر لدى ترامب في إطلاق علامات تحذيرية يبدو أنها قد أسهمت في دفع الرئيس الجمهوري للتراجع قليلًا، إحدى هذه العلامات تلك التي بثها سوق السندات.
حيث يرى ديفيد فون دريهل في مقال للرأي في الواشنطن بوست تراجع الثقة في سندات الخزانة الأمريكية قد أجبر ترامب على تغير مساره بما يخص سياسته التجارية، حيث يرى فون دريهل أنه لا يمكن إهمال الإشارات التي تصدر من سوق السندات الذي يراه بدوره منضبطًا ويتفاعل بعقلانية، بما يعكس فعلًا التوقعات حول صحة الاقتصاد ومساره بعكس سوق الأسهم الذي يقع في الفوضى التي يحدثها ترامب في العلن.
هذا الاضطراب في الثقة في الأصول ذات المخاطر الصفرية، نظريًّا يدفع المستثمرين لإعادة تقييم مكانة سندات الخزانة الأمريكية باعتبارها أصلًا آمنًا وفق كبير المعلقين الاقتصاديين في وول ستريت جورنال جريج إيب، هذا التراجع في الثقة ما تسبب بارتفاع العوائد ومؤشرات الخوف في سوق السندات على نحو مثير للقلق.
كما أن الارتفاع في عوائد السندات من شأنه أن يدفع تكاليف التمويل إلى الارتفاع، مما قد يفاقم من السلبية المحيطة بالمالية العامة للولايات المتحدة، مع هذا الاضطراب في مصدر التمويل الأهم للخزينة فإن ترامب قد يواجه عائقًا يحول أمام الإيفاء بوعوده المتمثلة بتقديم إعفاءات ضريبية واسعة – لا تنسى تعويله وفريقه، الذي يستند إلى رياضيات بسيطة، على حصيلة التعريفات الجمركية لتعويض الخفض الضريبي.
وسط هذه الثقة المنحسرة، يشهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا أمام العملات الرئيسية الأخرى وذلك مع تصاعد المخاوف حول الركود، هذا، وفقًا لنيويورك تايمز، يتعارض مع ما يعتد به ترامب وفريقه حول أن التعريفات ستقلل من الطلب على الواردات بما سيقوي الدولار ومع ما احتج به وزير الخزانة سكوت بيسنت بالقول إن ارتفاع قيمة الدولار سيعدل من تأثير ارتفاع التضخم.
بهذه العلامات التي ظهرت في الأيام الأولى للحرب التجارية قد يجد ترامب نفسه في موقف أكثر صعوبة للمضي في تصعيده التجاري، حيث إن مخاوف الركود تصاعدت، الثقة في سوق أدوات التمويل الحكومي تتراجع وقدرة ترامب على الإيفاء بوعوده ستكون موضع شك متزايد.
الأسوأ من هذا كله، فإن المضي في التصعيد وسط هذا الاتجاه لتغير موازين القوة في العالم من شأنه أن يزيد من مخاطر الانجرار من حرب تجارية إلى حرب عسكرية حقيقية ما بين والولايات المتحدة والصين، وإدراك هذه الحقيقة من قبل ترامب وفريقه من شأنه أن يحول دون تعاظم هذه الاحتمالية.
حيث يرى ماكس بوت في مقال للرأي أيضًا في واشنطن بوست، أن الأدلة التاريخية تشير إلى أن الصراع التجاري يمكن أن يتطور إلى صدام عسكري مباشر، وذلك كما حدث في الحروب البحرية الأنجلو هولندية وهجوم اليابان على الأسطول الأمريكي في بيرل هاربور، تلك الصدامات كانت نتيجة إما نتيجة لتزايد المنافسة التجارية أو الصراع على الوصول إلى الموارد الحيوية.